"قد استدار كهيئته": صفة مصدر محذوف؛ أي: استدار استدارة مثل حالته.
"يوم خلق الله السماوات والأرض": أراد به: دوره بالشهور الهلالية التي يدور عليها حساب السنة العربية، وبطلان ما أبدعه الجاهلية من النسيء المذكور في القرآن:{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}[التوبة: ٣٧]، وهو تأخيرهم تحريم رجب إلى شعبان، والمحرم إلى صفر، وذلك لأنهم كانوا أصحاب حروب وغارات، فإذا جاء الشهر الحرام وهم يحاربون، شقَّ عليهم ترك المحاربة، فيحلونه ويحرمون مكانه شهرًا آخر، حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرام، وربَّما زادوا عدد الشهور، فجعلوه ثلاثة عشر أو أربعة عشر؛ ليتسع بهم الوقت، وكانوا إذا أخَّروا ذا الحجة إلى المحرم أو صفر أو غيرهما، أخَّروا الحج أيضًا إليه، حتى بلغ دور تأخير ذي الحجة على حسابهم إلى ذي الحجة، ووافق ذلك السنة التي حجَّ فيها الرسول - عليه الصلاة والسلام - حجة الوداع، فأعلمهم أن أشهر النسيء قد تناسخت باستدارة الزمان، وعاد الأمر إلى ما وضع الله عليه حساب الأشهر يوم خلق السموات والأرض.
"السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر": عطف على قوله: ثلاث، وإنما أضافه - صلى الله عليه وسلم - إلى مضر، وهو القبيلة؛ لشدة محافظتهم على تحريمه.
"الذي بين جمادى وشعبان"، وإنما وصف رجب بقوله:(الذي) للتأكيد، أو لبيان أن رجب الحرام هو الذي بينهما، لا ما كانوا يسمونه رجب على حساب النسيء.
"ثم قال: أي شهر هذا؟ ": سألهم ليذكرهم حرمة الشهور ويقررها في نفوسهم؛ ليبني عليه ما أراد تقريره.