أشرفت على الموت وقَرُبت منه، "فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني، فقلت: يا رسول الله! إنَّ لي مالا كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي"، معناه: ليس لي وارث من أصحاب الفروض إلا ابنتان، لا أنه لا وارث له غير ابنتيه، بل كان له عصبة كثيرة.
"أفأوصي بمالي كله"؛ يعني: أيجوز لي أن آمر بالتصدق بجميع مالي على الفقراء؟ "قال: لا، قلت: فبثلثي مالي"؛ أي: أفأوصي بثلثي مالي؟ "قال: لا، قلت: فالشطر"، يجوز نصبُه عطفاً على محل الجار والمجرور، ويجوز رفعه؛ أي: الشطر كافٍ، وجره عطفاً على مجرور الباء، والشطر هو النصف.
"قال: لا، قلت: فالثلث" يجوز فيه الحركات الثلاث أيضاً على الوجوه المذكورة.
"قال: الثلث" يجوز نصبه بمقدر؛ أي: أعطِ، ورفعه على أنه فاعل؛ أي: يكفيك الثلث، فيه بيان الإيصاء بالثلث جائز له.
"والثلث كثير"، وفيه إشارة إلى أن التنقيص عن الثلث أولى.
"إنك إن تذر"؛ أي: تترك "ورثتك أغنياء، خير مِنْ أن تذرهم عالة" جمع عائل وهو الفقير، "يتكففون الناس"؛ أي: يسألون الناس بمَدِّ أكفهم إليهم.
"وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله"؛ أي: تطلب رضاء ذاته، الجملة صفة (نفقة)، "إلا أُجرت بها"؛ أي: صِرْت مأجوراً بسبب تلك النفقة.
"حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك"؛ أي: إلى فمها، فإن لك في ذلك أجراً، يريد: أن المنفق لابتغاء رضاه تعالى يُؤجر وإن كان محلُّ الإنفاق محلَّ شهوة وحظ نفس؛ لأن الأعمال بالنيات.