"وفي رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} نزلت"؛ أي: هذه الآية "في عذاب القبر إذا قيل له"؛ أي: للميت بعدما وضع في القبر: "من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ " فإن كان مسلما أزال الله الخوف، وثبَّت لسانه في جواب الملكين (١).
"فيقول: ربي الله، ونبيي محمد، وديني الإسلام" وأما الكافر فيغلب عليه الخوف ولا يقدر على جوابهما، فيكون معذبًا فيه.
* * *
٩٢ - وعن أنسٍ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ العبْدَ إذا وُضعَ في قَبْرِه، وتولَّى عنه أصحابُهُ، وإنَّه ليسمَعُ قَرْعَ نِعالِهِم = أتاهُ مَلَكانِ، فيُقعدانه، فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ - لمحمدٍ -، فأمَّا المؤمنُ فيقولُ: أشهدُ أنَّه عَبدُ الله ورسولهُ، فيقال له: انظُرْ إلى مَقْعدِكَ مِنَ النَّارِ، قد أبدلَكَ الله بهِ مَقْعدًا من الجنَّةِ، فيراهُمَا جميعًا، وأمَّا المُنافِقُ والكافِرُ فيُقالُ له: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقول: لا أَدري، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ، فيُقالُ له: لا دَرَيتَ ولا تَلَيتَ، ويُضربُ بمِطْرقةٍ من حديدٍ ضربةً، فيصيحُ صَيْحةً يسمعُها مَنْ يليهِ غير الثقلَيْنِ".
"وعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى"؛ أي: أدبر وأعرض "عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم"؛ أي: صوت دقها، فيه دلالة على حياة الميت في القبر؛ لأن الأحساس بدون الحياة ممتنعٌ عادة، واختلفوا في ذلك؛ قال بعضهم: يكون بإعادة الروح، وتوقَّف أبو حنيفة في ذلك.