بعض إلى الاكتفاء في إثبات الرضاع بشهادة المرضعة عملًا بهذا الحديث، وأكثر العلماء على خلافه، وحملوا قولَه عليه الصلاة والسلام:"كيف وقد قيل" على التورع والتقوى، إذ ليس هنا إلا إخبار امرأة عن فعلها في غير مجلس الحكم والزوج مكذِّب لها، فلا يقبل؛ لأن شهادة الإنسان على فعل نفسه غيرُ مقبولة شرعًا.
* * *
٢٣٥٦ - وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ حنينٍ بعثَ جيشًا إلى أوْطاسٍ فأَصابُوا سَبايا، فكأنَّ ناسًا من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجُوا من غِشيانِهِن مِن أجلِ أزواجِهِنَّ من المشركينَ، فأَنزلَ الله عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فَهُنَّ حلالٌ لكم إذا انقضَتْ عِدَّتُهنَّ.
"عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشًا إلى أوطاس" موضع عند الطائف "فأصابوا سبايا" جمع سبية فعيلة بمعنى مفعولة.
"فكأن ناسًا من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام تحرَّجوا"؛ أي تحرَّزوا من الإثم "من غشيانهن"؛ أي: من مجامعتهن "من أجل أزواجهن"؛ أي: من أجل أن لهن أزواجًا "من المشركين" زاعمين أن وطأهن غيرُ جائز ولم يعلموا انقطاع نكاحهن عن أزواجهن.
"فأنزل الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} "؛ أي: اللاتي لهن أزواج، عطف على قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}؛ يعني: هؤلاء المذكورات محرمات " {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} "؛ يعني: والمحصنات من النساء اللاتي لهن أزواج محرمات لأنهن أحصنَّ فروجَهن بالتزوج وما ملكت أيمانهن؛ أي: من اللاتي سُبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة