فيأتيه من حرها"؛ أي: حر النار وهو تأثيرها "وسمومها" وهو الريح الحارة.
"قال: ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه" تقدم بيانه.
"ثم يقيض"؛ أي: يقدر "له" ويسلط عليه "أعمى"؛ أي: زبانية لا عين له لكيلا يرحم عليه.
"أصم" لا يسمع صوت بكائه واستغاثته فيرقَّ له.
"معه مِرْزبَةٌ": وهي ما يدق به المدر، مخففة الباء عند أهل اللغة، والمحدِّثون يشدِّدونها، يعني: عصية.
"من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابًا" أي: اندقَّ أجزاؤه كالتراب.
"فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين"؛ أي: الجن والإنس.
"فيصير ترابًا ثم يعاد فيه الروح"؛ يعني: لا ينقطع عنهم العذاب بموتهم، بل يعاد فيهم الروح بعد موتهم ليزدادوا عذابًا، قال الله تعالى:{زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ}[النحل: ٨٨].
وإنما ذكر - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إعادة الروح في الكافر مرتين إلزامًا لهم بما ينكرونه.
* * *
٩٨ - عن عُثمان بن عفَّان - رضي الله عنه -: أنه كان إذا وقفَ على قبرٍ بكى حتَّى يبُلَّ لِحيتَهُ، فقيل له: تذكرُ الجنَّة والنَّار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ القبْرَ أوَّلُ منزلٍ مِنْ منازِلِ الآخرة، فإنْ نجَا منهُ فما بعدَهُ أيسَرُ منهُ، وإنْ لمْ ينجُ منهُ فما بعدَهُ أشدُّ منهُ". قال: وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأَيتُ مَنْظَرًا قطُّ إلا والقبْرُ أفظَعُ منهُ"، غريب.