"ولا لُقَطَةُ مُعاهِدٍ": وهو الكافر الذي جرى بين المسلمين وبينه عهدٌ بأمانٍ في تجارة أو رسالة؛ يعني: لا يحل لكم ما سقط من المُعاهِد.
"إلا أن يستغني عنها صاحبُها"؛ أي: يتركها لمن أخذها استغناء عنها، بأن كانت شيئًا حقيراً يُعلَم أن صاحبَه لا يطلبه، كالنَّواة وقشور الرمَّان ونحوهما، فيجوز الانتفاع به، وهذا تخصيص بالإضافة، ويثبت الحكم في لُقَطة المسلم بطريق الأَولى.
"ومَن نزل بقومٍ فعليهم أن يَقْرُوه" - بفتح الياء - من (قَرَيتُ الضيفَ قِرى): إذا أحسنتُ إليه وضفْتُه، وهذا سُنةٌ لا فرض، لقول الأعرابي المتقدم: هل عليَّ غيرهن؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: "لا، إلا أن تطوَّع".
وقيل: واجب؛ لأنَّ كلمة (على) للوجوب، وهذا كان في بدء الإِسلام؛ فإنَّه - عليه الصلاة والسلام - كان يبعث الجيوش إلى الغزو، وكانوا يمرُّون في طريقهم بأحياء العرب، وليس هناك سوق يشترون الطعام، ولا معهم زاد، فأوجب عليهم ضيافتهم؛ لئلا ينقطعوا عن الغزو.
"وإن لم يَقْرُوه فله"؛ أي: للنازل بهم "أن يُعَقِّبَهم"؛ أي: يُتبعهم ويجازيهم بصنيعهم.
"بمِثْلِ قِراه"؛ أي: بأن يأخذ من مالهم مِثلَ قِراه قهراً، ثمَّ نسُخ هذا الحكم.
وقيل: هذا في حق المضطرين الذين لا يجدون طعاماً ويخافون على أنفسهم التلفَ، فلا يكون منسوخًا.
* * *
١٢٨ - عن العِرباض بن ساريَة - رضي الله عنه - قال: قام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيحسِبُ أحدُكُمْ مُتكئاً على أريكتِه يظنُّ أنَّ الله لمْ يُحرَّمْ شيئًا إلَّا ما في هذا