"فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصَرْتَ أهل حِصْنٍ" من الكفار، "فأرادوك"؛ أي: طلبوا منك.
"أن تجعل لهم ذِمَّة الله وذِمَّة نبيه"؛ أي: عهدهما.
"فلا تجعل لهم ذِمَّة الله ولا ذِمَّة نبيه، ولكن اجعل لهم ذِمَّتَكَ وذِمَّةَ أصحابك"؛ أي: قل لهم جعلت لكم ذِمَّتي وذِمَّة أصحابي.
"فإنهم إن يخفروا ذممكم"؛ أي: إن ينقضوا عهدكم.
"وذمم أصحابكم أهون مِنْ أن يخفروا ذِمَّة الله وذِمَّة رسوله"؛ أي: من أن ينقضوا عهدهما، إذ لو نقضوا عهدهما لم تدرِ ما تصنع حتى يُؤْذَنَ لكم فيهم بوحي ونحوه، وقد يتعذر ذلك عليك بسبب غيبتك عن مهبط الوحي، بخلاف ما إذا نقضوا عهدك؛ لأنك إذا أنزلتهم على حكمك فيهم باجتهادك كنت قادراً عليهم من قتلهم، أو ضرب الجزية عليهم، أو استرقاقهم، أو المن أو الفداء بحسب ما ترى من المصلحة بحسبك.
"وإذا حاصَرْتَ أهلَ حِصْنٍ فأرادوك أن تُنْزِلْهُمْ على حُكْم الله، فلا تُنْزِلْهُمْ على حُكْمِ الله، ولكن أنزلْهُمْ على حُكْمِكَ، فإنك لا تدري أَتُصِيْبُ حُكْمَ الله فيهم أم لا".
* * *
٢٩٧٧ - عن عبدِ الله بن أبي أَوْفَى - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أيَّامِهِ التي لَقِيَ فيها العَدُوَّ انتظرَ حتى مالَتْ الشمسُ ثم قامَ في الناسِ فقالَ:"يا أيُّها الناسُ، لا تتَمَنَّوْا لقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا الله العافيةَ، فإذا لقيتمُوهم فاصْبرُوا، واعلَمُوا أن الجَنَّةَ تحتَ ظِلالِ السيوفِ، ثم قال: اللهمَّ مُنزِلَ الكتابِ، ومُجْرِيَ السحابِ، وهازِمَ الأحزابِ، اهْزِمْهُمْ، وانُصْرَنا عليهم".