" عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رجل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم أُحُد: أرأيت"؛ أي: أخبرني.
"إن قُتِلْتُ فأينَ أنا؟ "؛ يعني: إِنْ قُتِلْتُ شهيداً في أيِّ منزل أكون، أفي الجنة أم في النار؟
"قال: في الجنة، فألقى تمرات في يده": صفة (تمرات)، "ثم قاتل حتى قُتِلَ".
* * *
٢٩٨٤ - قال كعبُ بن مالكٍ: لم يكنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرِها، حتى كانَتْ تلكَ الغَزْوةُ - يعني: غزوةَ تبوكَ - غزاهَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَرٍّ شديدٍ، واستقبلَ سَفَراً بعيداً ومَفَازاً، وعَدُوًّا كثيراً، فجلَّى للمُسلمينَ أمرَهم ليتأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِم، فأَخبرَهم بوَجْهِه الذي يريد.
"قال كعب بن مالك: لم يكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يريد غَزْوَةً إلا وَرَّى"؛ أي: سترها "بغيرها": وأظهَرَ أنه يريد غيرها لما فيه من الحزم، وإغفال العدو، والأمن من جاسوس يطَّلع على ذلك، فيخبر به العدو، وتوريته - صلى الله عليه وسلم - كان تعريضاً بأن يريد مثلاً غَزْوَ مكة، فيسألُ الناسَ عن حال خيبر، وكيفيَّة سبيلها، لا تصريحاً بأن يقول: أني أريد غَزْوَ أهل الموضع الفلاني وهو يريد غيرهم؛ لأنَّ هذا كَذِبٌ غير جائز.
"حتى كانت تلك الغزوة، يعني: غزوة تبوك": اسم ناحية في البَرِّيَّةِ قِبَل الروم قيل: بينها وبين المدينة قدر مسيرة شهر.
"غزاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في حرٍّ شديد واستقبل سفراً