"يُفقّهْه في الدِّين"؛ أي: يجعله عالمًا بأحكام الشريعة، ذا بصيرةٍ فيها، يستخرج المعاني الكثيرةَ من الألفاظ القليلة.
"وإنما أنا قاسم": لا أرجح أحدًا على غيره في قسمةِ ما أُوحي إليَّ من العلم والحكمة، بل أُسوِّي في الإبلاع، وإنما التفاوتُ في الفهم الذي يُهتدَى به إلى خفيات علوم الكتاب والسُّنة، فهو طريق عطاء الله.
"والله يعطي" ذلك لمن يشاء مِن عباده، وإنما لم يقل: مُعْطٍ؛ لأنَّ إعطاء الله تعالى يتجدَّد كلَّ ساعة.
وقيل: المراد به: قسمة المال، قاله عليه الصلاة والسلام؛ لئلا يكونَ في القلوب تنكُّر من التفاضل في القِسمة، فإنَّه أمرُ الله تعالى.
"ولا يزال من أمتي أمةٌ قائمةٌ بأمر الله، لا يضرُّهم مَن خَذَلَهم ولا مَن خالَفَهم، حتى يأتي أمرُ الله وهم على ذلك": تقدم بيانه.
* * *
١٥٠ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الناسُ معادنُ كمعادنِ الذَّهبِ والفضَّةِ، خِيارُهم في الجاهليَّةِ خِيارُهم في الإِسلامِ إذا فَقُهوا"، رواه أبو هريرة - رضي الله عنه -.
"وعن أبي هريرة أنَّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الناسُ معادنُ" جمع: مَعدن، وهو مُستقَر الجواهر، والمُستوطَن أيضًا، من: عَدَنَ بالمكان: استقرَّ به، وعَدَنتُ البلدَ توطَّنته؛ أي: الناسُ معادنُ الأخلاق والأعمال والأقوال، ولكن يتفاوتون فيها.
"كمعادن الفضة والذهب" وغيرهما، إلى أن ينتهي إلى الأدنى فالأدنى؛ فمَن كان اسعداده أقوى كانت فضيلتُه أتمَّ، ومَن كان على خلافه ففضيلتُه أنقصُ.
وفيه: إشارة إلى أن ما في معادن الطبائع من جواهر مكارم الأخلاق ينبغي