"لم يجد عَرفَ الجنة يومَ القيامة؛ يعني: ريحها" الطيبة حين يجدها علماء الدِّين من مكان بعيد، فيكون يومَئذٍ كصاحب الأمراض الكائنة في الدماغ المانعة عن إدراك الروائح، وهذا تهديدٌ وزجرٌ عن طلب الدنيا بعمل الآخرة.
* * *
١٧٤ - وقال:"نضَّرَ الله عبدًا سَمعَ مَقالَتي فحفِظَها ووَعاها وأَدّاها، فرُبَّ حامِلٍ فِقْهٍ غيرِ فقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فِقْهٍ إلى مَنْ هو أفقهُ مِنْهُ".
"وعن ابن مسعود، عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنَّه قال: نضَّر الله عبدًا"؛ أي: يجعله ذا نَضارة، وهي النعمة والبَهجة.
"سمعَ مقالتي، فحفظَها"؛ أي: عملَ بموجبها؛ فإن الحفظَ قد يُستعار للعمل، قال الله تعالى:{وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}[التوبة: ١١٢]؛ أي: العاملون لفرائضه.
"ووَعاها"؛ أي: دامَ على حفظها.
"وأدّاها"؛ أي: أوصلَها إلى الناس وعلَّمها، وفيه: إشارة إلى الفُسحة في الأداء؛ حيث لم يُوجبْه معجَّلًا، وإنما دعا - عليه الصلاة والسلام - بالنضارة؛ لأنه جدَّد بحفظِه ونقلِه طراوةَ الدِّين وجلبابَه، ورواه كما سمعه غضّاً طريّاً من غير تحريف وتغيير.
"فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ": صفة لـ (حامل)، وهذا تعليل للحفظ والوعي؛ فإن الحاملَ قد لا يكون فقيهاً، فيجب عليه أن يحفظَ كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويؤدِّيَه إلي الفقيه ليَفهمَ المرادَ به.
"ورُبَّ حاملِ فقهٍ" قد يكون فقيهاً ولا يكون أفقه، فيحفظه فيَعِيه ويبلِّغه