٣٩٨٤ - وقالَ:"مَثَلُ المُدْهِنِ في حُدودِ الله والواقِعِ فيها، مَثَلُ قَوْمٍ استَهمُوا سَفينةً، فصارَ بَعضُهم في أَسْفَلِها، وصارَ بعضُهم في أعلاها، فكانَ الذي في أَسْفَلِها يَمُرُّ بالماءِ على الذينَ في أعلاها فتَأَذَّوا بهِ، فأَخَذَ فَأْسًا فجعلَ ينقُرُ أَسْفَلَ السَّفينةِ، فأَتَوْهُ فقالوا: ما لكَ؟ فقالَ: تأذَّيتُم بي، ولا بُدَّ لي مِن الماءِ، فإنْ أَخَذُوا على يَدَيهِ أَنجوْهُ، ونَجَّوا أَنفُسَهم، وإنْ تَرَكُوه أَهْلَكُوه، وأهْلَكُوا أنفسَهم".
"عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَثَلُ المُداهِن في حدود الله"، المداهنة: المساهلة في الأمر: والمداهنة في الشرع: أن يرى منكرًا، ويَقدِر على دفعه، ولم يَدفعْه؛ حفظًا لجانب مُرتكِبه أو جانب غيره، أو قلةَ مبالاةٍ في الدين، وقيل: هو الذي يخفيها ولا يتكلم بها؛ لخوفٍ أو طمعٍ.
"والواقع فيها"؛ أي: في الحدود؛ أي: الفاعل للمناهي.
"فصار بعضُهم على أسفلها"؛ أي: في الطبقة الأسفل من السفينة.
"وبعضُهم في أعلاها"، وفيه: إشارة إلى استحباب القُرعة إذا تشاجروا على الجلوس في الأسفل والأعلى، وذلك إذا نزلوا بها جملةً، وإذا نزلوا متفرقين فمَن سَبَقَ منهم إلى مكانٍ فهو أحقُّ به من غيره.
"فكان الذي في أسفلها يمرُّ بالماء على الذين في أعلاها"، قيل: كنى بالماء عن البول والغائط المنفصلَين عنه، ليطرحَه في البحر.