ائتَمِروا بالمَعْروفِ، وتَناهَوْا عن المُنْكَرِ، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوًى مُتَّبعًا، ودُنيا مؤثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برَأْيهِ، ورأيتَ أَمْرًا لا بُدَّ لكَ منهُ فعليكَ نفسَكَ، ودَعْ أَمْرَ العَوَامِّ، فإنَّ وراءَكُم أيامَ الصَّبرِ، فمَن صَبَرَ فيهنَّ كانَ كمَن قَبَضَ على الجَمْرِ، للعاملِ فيهنَّ أَجْرُ خَمسينَ رَجُلًا يعمَلونَ مثلَ عَمَلِهِ"، قالوا: يا رسولَ الله! أجرُ خَمْسينَ منهم؟ قال: "أَجْرُ خَمْسينَ منكُم".
"وعن أبي ثعلبة الخُشَني - رضي الله عنه - في قوله تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، فقال: أَمَا والله لقد سألتُ عنها رسولَ الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: بل ائتمروا"؛ أي: مُرُوا "بالمعروف وتَنَاهَوا عن المنكر، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مطاعًا": وهو الذي غلب وبلغ مبلغًا بحيث يطيعُه صاحبُه في منع الحقوق الواجبة من الزكاة والفِطرة والكفارات والنذور ونفقة مَن عليه نفقته.
"وهوًىَ مُتَّبَعًا"؛ أي: يتبع كلُّ أحدٍ هواه وما تأمره به نفسُه الأمَّارة.
"ودنيا مُؤثَرة"؛ أي: مختارة على الآخرة، من: الإيثار، الاختيار لجمع الأموال على الأعمال الصالحة.
"وإعجابَ كل ذي رأي برأيه"، الإعجاب - بكسر الهمزة -: وجدان شيء حسنًا؛ يعني: يجد كلُّ واحدٍ فعلَ نفسِه حسنًا، وإن كان قبيحًا في الواقع، ولا يراجع العلماءَ فيما فعل.
"ورأيتَ أمرًا لابد لك منه"؛ يعني: رأيتَ بعضَ الناس يعملون المعاصي، ولابد لك من السكوت من عجزك وقدرتهم.
"فعليك نفسَك"؛ أي: احفظْها عن المعاصي.
"ودع أمرَ العَوَامِّ"؛ أي: لا تأمرْ أحدًا بالمعروف ولا تنهَه عن المنكر؛ كيلا يؤذيك.