للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالشيء إذا أُسْنِد إلى الله يراد به: إيقاع الهَوَان، فإن قيل: كيف صحَّ هذا القول منه بعد كشف الغطاء واستواء العالم والجاهل في معرفة ما يجوز على الله وما لا يجوز.

قلنا: مثابة هذا العبد مثابة العالم العارف الَّذي يستولي عليه الفرح بما آتاه الله، فيزلُّ لسانه من شدة الفرح، كما أخطأ في القول مَنْ ضَلَّتْ راحلته بأرض فلاة وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، ثم بعد ما وجدها وأخذ بخطامها قال من شدَّة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك.

" فضحك ابن مسعود فقالوا: ممَّ تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: مِنْ ضحك ربِّ العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين "، وإنما ضحك - صلى الله عليه وسلم - سرورًا بما رآه من كمال رحمته، ولطفه بعبده المذنب، وغاية رضاه عنه استعجابًا منه.

" فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قدير ": وهذا استدراك عن مقدَّر، فإنه تعالى لما قال: (أيرضيك إن أعطيتك الدنيا ومثلها معها) فاستبعده العبد لما رأى أنَّه ليس أهلًا لذلك، وقال: أتستهزئ بي، قال سبحانه وتعالى: نعم كنْتَ لسْتَ أهلًا له لكني أجعلك أهلًا له وأعطيك ما استبعدته؛ لأني على ما أشاء قدير.

* * *

٤٣٢٦ - وفي رِوَايةٍ: " ويُذَكِّرُهُ الله سَلْ كذا وكذا، حتَّى إذا انقَطَعَتْ بهِ الأمَانِيُّ قال الله: هوَ لكَ وعَشَرةُ أمثالِهِ، قال: ثُمَّ يَدْخُلُ بيتَهُ فتدخُلُ عليهِ زَوْجتاهُ مِنَ حُوْرِ العِينِ فتقولانِ: الحَمْدُ لله الَّذي أحْياكَ لنا وأحْيانا لكَ، قالَ فيقولُ: ما أُعطيَ أَحَدٌ مِثلَ ما أُعْطِيتُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>