"وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني"؛ أي: عصرني شديداً "حتى بلغ مني الجُهدُ" بضم الجيم ورفع الدال؛ أي: بلغ مني الطاقة مبلغاً هو غايتها.
ويروى بالفتح والنصب؛ أي: بلغ مني الغاطُّ جهدي وكربي؛ لأن المغطوط في غاية الكرب والجهد، قيل: إنما غطَّه ليختبره هل يقول من تلقاء نفسه شيئاً إذا اضطر أم لا.
"ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ} "؛ أي: جنسَ الإنسان.
{مِنْ عَلَقٍ}: جمع علقة.
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ}: مبتدأ خبره: {الْأَكْرَمُ} ومحلُّها حالٌ من ضمير (اقرأ)، و (الأكرم) هو الذي لا يوازيه كريم، ولا يعادله في الكرم نظير.
{الَّذِي عَلَّمَ}؛ أي: الخطَّ. {بِالْقَلَمِ} ويدخل في هذا كلُّ كتابة، وكلُّ قلم، وأول من خَطَّ بالقلم إدريس عليه الصلاة والسلام.
{عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} والمراد: الجنس؛ أي: علَّمهم ما لم يكونوا عالمين به من الهدى والبيان، وما يأتون ويذرون من مصالحهم وصناعاتهم، أو (الإنسان) آدم علَّمه أسماء كلِّ شيء.
"فرجع بها"؛ أي: بالقراءة، أو الآية، وقيل: بسبب تلك الغطة.
"رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف"؛ أي: يضطرب من الخوف "فؤاده" الرجفة: شدة الحركة.
"فدخل على خديجة فقال: زملوني"، أي: غطُّوني ودثِّروني، قيل: إنما