٤٦٥٣ - وقالَ عَبدُ الرَّحمنِ بن أَبي بَكْرٍ - رضي الله عنهما -: إِنَّ أَصحابَ الصُّفَّةِ كانُوا أُناسًا فُقَراءَ، وإِنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَن كانَ عِندَهُ طَعامُ اثنينِ فلْيَذهبْ بثالثٍ، ومَن كانَ عندَه طَعامُ أَرْبَعةٍ، فليَذهبْ بخامِسٍ، أو سادِسٍ"، وإنَّ أَبا بكرٍ جاءَ بثَلاثةٍ، وانطلقَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، وإنَّ أبا بَكْرٍ تَعَشَّى عِندَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ لَبثَ حتَّى صُلِّيَت العِشاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فلبثَ حتَّى تَعَشَّى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجاءَ بعدَ ما مَضَى مِن الَّليلِ ما شاءَ الله، قالَتْ له امرأتُهُ: ما حَبَسَكَ عن أَضْيافِكَ؟ قَالَ: أَوَ ما عَشَّيْتِيهم؟ قالَت: أَبَوا حتَّى تَجيءَ، فغضبَ وقالَ: والله لا أَطْعَمُه أَبَدًا، فَحَلفَتِ المَرأةُ أنْ لا تَطعمُه، وحَلَفَ الأَضْياف أَنْ لا يَطَعمُوه، قَالَ أبو بكرٍ - رضي الله عنه -: كانَ هذا مِن الشَّيطانِ، فَدَعا بالطَّعامِ فأكَلَ وأكَلُوا، فجَعَلُوا لا يرفعُون لُقْمَةً إِلَّا رَبَتْ مِن أَسْفلِها أكَثَرُ منها، فقالَ لامرأتِه: يا أُختَ بني فِراس! ما هذا؟ قالَت: وقُرَّةِ عيني، إِنَّها الآنَ لأكثرُ منها قبلَ ذلكَ بِثَلاثِ مِرارٍ، فأكلوا، وبَعَثَ بها إِلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فذُكرَ أَنَّه أكَلَ منها.
"وقال عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما -: إنَّ أصحاب الصُّفَّة كانوا أناسًا فقراء، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" عند توزيعه إيّاهم على الصحابة: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث"؛ معناه: طعام الاثنين يغذّي الثلاثة ويُزيل الضعف عنهم.
"ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامسٍ أو سادسٍ، وانَّ أبا بكرٍ": - رضي الله عنه - "جاء بثلاثةٍ، وانطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشرة، وإن أبا بكرٍ تعشى"؛ أي: أكل العشاء "عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ لَبثَ حتى صُلِّيت العشاء، ثمَّ رجع فلبث حتى تعشَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "، في بعضٍ:"حتى نَعِسَ" من النعاس، قيل: هذا أصحّ.
"فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، فقالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أو ما عشيتهم"، الهمزة للاستفهام، والواو للعطف، التعشية: إعطاء العشاء أحداً.