أي: ضَلَّ الطريقَ فلم يهتد إليهم سبيلًا، "بأرض الروم، أو أُسِرَ فانطلق هاربًا يلتمس الجيشَ، فإذا هو بالأسد فقال: يا أبا الحارث" - كنية الأسد -: "أنا مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان من أمري كَيت وكيت، فأقبل الأسد له بَصبَصَة"؛ أي: تحريك ذنب كفعل الكلب تملُّقاً وتذللًا إلى صاحبه "حتى قام إلى جنبه، كلما سمع"؛ أي: الأسد "صوتًا أهوى إليه"؛ أي: قصده.
"ثمَّ أقبل يمشي إلى جنبه حتى بَلَغ"؛ أي: سفينةُ "الجيشَ، ثمَّ رجع الأسد".
* * *
٤٦٥٧ - عَنْ أَبي الجَوْزاءِ - رضي الله عنه - قال: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحطًا شَدِيْدًا، فَشَكَوْا إِلَى عائِشةَ رَضيَ الله عَنْها فَقالَت: انظُروا قبرَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاجعَلُوا مِنهُ كُوًى إلى السَّماءِ، حتَّى لا يكونَ بينَهُ وبينَ السَّماءِ سَقفٌ، ففعلُوا فمُطِرُوا مَطَرًا حتَّى نبتَ العُشْبُ وسَمِنَتِ الإِبلُ، حتَّى تَفتّقَتْ مِنَ الشَّحم، فسُمِّيَ عامَ الفَتْقِ.
"عن أبي الجَوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطًا شديدًا، فشكَوا إلى عائشة - رضي الله عنها - فقالت: انظروا قبَر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاجعلوا منه كوًى"، جمع كوة - بضم الكاف وفتحها -؛ أي: منافذ "إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سَقْفٌ ففعلوا"، يحتمل أن تلك الكُوى كانت وسيلةً إلى الله في الاستسقاء به ميتًا كَهُو حيًا.
"فمُطروا مطرًا"، قيل: يحتمل أن المطر كان بكاءً من السماء لمّا رأت قبره - صلى الله عليه وسلم -، فسال الوادي من بكائها، قال الله تعالى حكايةً عن الكفار:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ}[الدخان: ٢٩]، فحقيق للسماء أن تبكي على فقد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
"حتى أثبت العشب وسَمِنت الإبل حتى تفتَّقت من الشَّحم"؛ أي: انشقت من الشحم، وقيل: أي: انتفخت خَواصِرُها مِن كثرة الرعي.