المدينة وليس بها ماءٌ يُستعذب غير بئر رُومة" - بضم الراء - بئرٌ بالمدينة لرجل من بني غفار، وكان يبيع القِربة منها بمدٍّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل تبيعها بعينٍ في الجنة؟ قال: يا رسول الله! ليس لي ولعيالي عينٌ غيرها فلا أستطيع ذلك، "فقال"؛ أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من يشتري بئر رومة، يجعل"، مفعول له أو حال؛ أي: إرادة أن يجعل أو قاصدًا أن يجعل "دَلْوه مع دِلاء المسلمين"؛ أي: مساويًا مع دلائهم في الاستقاء منها، وهذا كناية عن الوقف، "بخير" الباء فيه باء البدل تتعلق بـ (يشتري)؛ يعني: يشتريها بثمنٍ معلوم، ثم يبدلها بخيرٍ حاصل له "منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي"، قيل: اشتراها بمئة ألف درهم فوقَفَها، وقيل: بخمسة وثلاثين ألف درهم.
"فأنتم اليوم تمنعونني أن أشربَ منها حتى أيثرب من ماء البحر"؛ أي: من ماء يُشبه ماء البحر في الملوحة.
"فقالوا: اللهم نعم، فقال: أنشدكم الله والإسلامَ هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يتشري بقعةَ آل فلانٍ فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي، فأنتم اليوم تمنعونني أن أصلي فيها ركعتين، قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أني جهَّزت جيشَ العسُرة من مالي، قالوا: اللهم نعم، قال: أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على ثَبير مكة"، جبلٌ بمكة، "ومعه أبو بكر وعمر وأنا، فتحرَّك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض"، وهو القرار من الأرض عند منقطع الجبل، "فركضه"؛ أي: ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - الجبل "برجله، فقال: اسكن ثبير"؛ أي: يا ثبير، "فإنما عليك نبيُّ وصديق" وهو أبو بكر، "وشهيدان"، هما عمر وعثمان.