"وقال أبو هريرة: سألَ رجلٌ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضَّأنا به عَطِشْنَا، أفتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو"؛ أي: البحر.
"الطَّهور ماؤه"؛ أي: المطهِّر؛ لأنهم سألوه عن تطهير مائه لا عن طهارته، وهذا يدل على أن التوضؤ بماء البحر جائز مع تغير طعمه ولونه، ولما سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر وعَلِمَ جهلَهُم بحكم مائه، قاسَ جهلهم بحلّ صيده مع عموم قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، فزاد في الجواب:"والحل مِيْتَتُهُ": فالحوت حلال بالاتفاق، والسرطان أيضاً في أصحِّ القولين، وكذلك ما يعيش في الماء والبَر، فأما ما لا يعيش في البر ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن جميعه حلال، والثاني: حرام، والثالث: ما يؤكَل شبهه في البَر يؤكَل، وما لا فلا.
* * *
٣٣٢ - عن أبي زيد، عن عبد الله بن مَسْعود - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لَهُ ليلةَ الجن:"ما في إداوَتك؟ "، قال: قلت: نبَيذٌ، قال:"تمرةٌ طيبة وماءٌ طَهُور"، فتوضَّأ مِنْهُ.
قال الإمام: هذا ضعيف، وأبو زيد مجهولٌ، وقد صحَّ:
"وعن أبي زيد، عن عبد الله بن مسعود: أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال له ليلةَ الجن"، وهي الليلة التي جاءت الجِنُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذهبوا به إلى قومهم ليتعلموا منه الدين، وكان معه - عليه الصلاة والسلام - عبد الله بن مسعود، وفي رواية: معه زيد بن ثابت.