"وعنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة، وكان به بياض، فَمُرُوه فليستغفر لكم": والحديث يدل على أن خير التابعين أويس، وما روي عن أحمد بن حنبل وغيره من أن خير التابعين سعيد بن المسيب فمعناه: أنه أفضل في العلوم الشرعية، لا في كونه أكثر ثوابًا عند الله تعالى.
* * *
٤٩١٦ - وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أتاكُم أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفئِدَةً وألينُ قُلُوبًا، الإيْمَانُ يَمَانٍ، والحِكْمَةُ يَمَانيَّةٌ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أَصْحَابِ الإِبلِ، والسَّكِيْنَةُ والوَقَارُ في أَهْلِ الغَنَمِ".
"عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أتاكم أهلُ اليمن هم أرقُّ أفئدةً، وألينُ قلوبًا": قيل: هما متقاربا المعنى، كرَّرهما باختلاف اللفظين تأكيدًا، وأراد بلين القلوب: سرعة خُلوص الإيمان إليها، وقد يقال: إن الفؤاد فَمُ المعدة.
وقيل: الفؤاد غِشاء القلب، فإذا رقَّ الغشاء أسرع نفوذ القول إلى ما وراءه، وإذ لان جوهرُ القلب أثَّر الوعظ فيه تأثيرًا بليغًا، وأهل اللغة يعُدُّون القلب والفؤاد شيئًا واحدًا، وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُنبئ بالتفرقة بينهما، فقيل: لعله أراد بالأفئدة ما يظهر للأبصار، وبالقلوب ما يظهر للبصائر، وعن بعض مشايخ الصوفية: أن الفؤاد وهو القلب بغلافه، وعلى هذا فيحتمل أنه أشار - صلى الله عليه وسلم - بالرقة إليه، وباللين إلى القلب.
"الإيمان يمان"؛ أي يَمني، الألف فيه عوض من ياء النسبة، ومعنى نسبته إلى اليمن: أن الإيمان بدأ من مكة وهي من تهامة، وتهامة من أرض اليمن.