وأما عند مالك والشافعي وأبي حنيفة: لا يجوز إلَّا بضربتين: ضربةٍ للوجه، وضربةٍ لليدين إلى المرفقين، بدليل حديث ابن عمر المار في آخر (باب مخالطة الجنب).
"وفي رواية قال" عمار: "فأتيتُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ، ثم تمسحَ بهما وجهَك وكفَّيك".
* * *
٣٦٧ - عن أبي جُهَيْم بن الحارِث بن الصِّمَّة قال: مَرَرْتُ على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبولُ، فسلَّمْتُ عليه، فلمْ يَرُدَّ عليَّ حتَّى قامَ إلى جِدارٍ، فحتَّهُ بعَصًا كانت معه، ثمَّ وضعَ يده على الجدارِ، فمسحَ وجهَهُ وذِراعَيْهِ، ثمَّ ردَّ عليَّ.
"عن أبي الجُهَيم بن الحارث بن الصِّمَّة"، بكسر الصاد وتخفيف الميم.
"أنَّه قال: مررتُ على النَّبِيّ - علبه الصلاة والسلام - وهو يبول، فسلَّمتُ عليه فلم يردَّ عليَّ، حتَّى قام إلى جِدار فحَتَّه"؛ أي: خَدَشَه "بعصًا كانت معه"؛ حتَّى يحصلَ منه التُّراب.
"فوضع يديه"؛ أي: ضرَبَ بهما "على الجدار، فمسح وجهه وذراعيه، ثم رَدَّ عليَّ" السلامَ، والحديث يدلُّ على استحباب الطهارة لذِكْر الله تعالى؛ لأن السلام من أسماء الله تعالى، وفي تأخيره - صلى الله عليه وسلم - ردَّ الجواب تعليمٌ بأن رَدَّه من الواجبات المطلَقة، وعلى أن التيمُّمَ لا يصح ما لم يَعْلَق باليد غبارُ التُّراب.
وبه قال محمَّد؛ لأنه لو كان مجردُ الضرب كافيًا لم يحثَّ - صلى الله عليه وسلم - الجدار بالعصا.