اليهود، فأرسل الله عليهم ريح الصبا، فهبت هبوباً شديداً، فخرقت خيامهم وأراقت أوانيهم وقدورهم، ولم يمكنهم القرار، وألقَى في قلوبهم الرعب فانهزموا، وكان ذلك معجزة للنبي عليه الصلاة والسلام وفضلاً من الله تعالى على المسلمين، وفيه نزل قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}[الأحزاب: ٩].
"وأُهلكت عاد بالدبور"؛ أي: بالريح التي تهبُّ من مغرب الشمس، وكانت قامة كل واحد منهم اثني عشر ذراعًا في قول، فهبت عليهم الدَّبُور وألقتهم على الأرض بحيث اندقت رؤوسهم وانشقت بطونهم وخرجت منها أحشاؤهم، فالريح مأمورةٌ تجيء تارة لنصرة قوم وتارة لإهلاك قوم.
* * *
١٠٧٣ - وقالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أضحى ضاحِكاً حتى أَرَى منه لَهَواتِهِ، إنما كانَ يتَبَسَّمُ، وكانَ إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرِفَ في وجهِهِ.
"وقالت عائشة - رضي الله عنها -: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكاً حتى أرى منه لَهَواتِه": جمع لهاة، وهي قعر الفم قريبٌ من أصل اللسان.
"إنما كان يتبسم، وكان إذا رأى غيمًا"؛ أي: سحابًا "أو ريحاً عرف في وجهه"؛ أي: الكراهية وأثر الخوف من حصول ضرر أو عذاب في ذلك السحاب أو الريح.
* * *
١٠٧٤ - وقالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عصَفَتِ الريحُ قال: "اللهم إني أسألُكَ خيرَها وخيرَ ما فيها وخيرَ ما أُرسِلَتْ به، وأعوذُ بكَ من شرِّها وشرِّ ما