"ما حق الله على عباده؟ "؛ أي: أيُّ شيء واجب لله تعالى عليهم؟
"وما حق العباد على الله تعالى؟ "؛ أي: أي شيء حقيق وجدير أن يفعل الله تعالى بهم؛ إذ لا يجب على الله تعالى شيء خلافًا للمعتزلة.
"قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه": هذا إرشادٌ إليه؛ لأن العبادة إنما تتحقق بامتثال الواجبات، والانتهاء عن المنهيات.
"ولا يشركوا به شيئاً"، وفي عطفه بالواو دليلٌ على عدم الترتيب؛ إذ العبادةُ لا تتحقق إلا بعد عدم الإشراك، فالتقدير: أن لا يشركوا ويعبدوه، وإنما ذكر عدم الإشراك وإن كان مندرجًا تحت العبادة؛ لأن ترك الإشراك أصلُ العبادة، فكان مقصوداً لعظم شأنه.
"وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا، فقلت: يا رسول الله! أفلا أبشر"، الفاء جواب شرط محذوف تقديره: إذا كان كذلك، أفلا أبشر.
"به"؛ أي: بما ذكرت من حقِّ العباد على الله تعالى، "الناس؟ قال: لا"؛ أي: لا تبشرهم، "فيتكلوا" منصوب بتقدير (أن) بعد الفاء؛ لأنه جواب النهي؛ أي: فيعتمدوا عليه ويقعدهم ذلك عن العبادات.
روي: أن معاذاً روى هذا الحديث آخر عمره، وكان زمان النهي زمان استيلاء الكسل على النفوس، وغلبة التثاقل على الطِّباع بسبب عدم استقرار الشرع، فلما انتفى الكسل عن الطباع، ووقع الأمن عن ذلك، علم معاذ أمد النهي، فروى هذا الحديث.
٢٤ - وقال:"ما مِنْ أحدٍ يشهدُ أنْ لا إله إلَاّ الله وأن محمداً رسولُ الله، صدْقًا مِنْ قلبهِ، إلَاّ حرَّمهُ الله على النَّارِ"، رواه مُعاذٌ.