للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"وإبراهيم يجود بنفسه": وهو يتردد في الفراش؛ لكونه في النزع والغرغرة.

"فجعلت عينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تذرفان"؛ أي: تدمعان، وتجريان بالدموع.

"فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت": عطف على مقدر؛ أي: الناس يبكون، وأنت "يا رسول الله تبكي"، كما يبكي غيرك؟؛ يعني: تتفجع للمصائب، وقد نهيتنا عن الجزع، وأمرتنا بالصبر على المصيبة؟ فأجاب - عليه الصلاة والسلام - بقوله:

"يا ابن عوف! إنها"؛ أي: الحالة التي تشاهدها مني "رحمةٌ" ورقَةٌ على المقبوض تنبعث عمَّا هو عليه، لا ما توهَّمت من الجزع وقلة الصبر.

"ثم أتبعها"؛ أي: أتبعَ النبي - عليه الصلاة والسلام - الدمعةَ الأولى "بأخرى"، وأتبع الكلمة المذكورة، وهي أنها رحمة بكلمة أخرى.

"فقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون": وهذا يدل على أنه إذا لم يقل بلسانه شيئًا من الندب والنياحة، وما لا يرضاه الله تعالى، فلا بأسَ بالبكاء.

* * *

١٢٢٢ - وقال أُسامة بن زيد: أَرْسَلَتْ ابنةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إليه: إن ابنًا لي قُبضَ فأْتِنَا، فأرسلَ يُقْرِئُ السلامَ ويقول: "إنَّ للهِ ما أَخَذَ وله ما أَعْطَى، وكلُّ عندَه بأجَلٍ مسمًّى، فلتصبرْ ولتحتسبْ"، فَأَرْسَلَتْ إليه تُقْسِمُ عليه ليأتينها، فقامَ ومعَه سعدُ بن عُبادَةَ، ورجالٌ، فَرُفع إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الصبيُّ ونْفسُه تتَقَعْقَعُ، ففاضَتْ عيناهُ، فقال سعدٌ: يا رسولَ الله!، ما هذا؟، قال: "هذه رحمةٌ جعلَها الله في قُلوبِ عبادِهِ، فإنما يرحمُ الله من عبادِه الرحماءَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>