بُكاءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَكَوا، فقال:"ألا تَسْمَعون؟، إن الله لا يُعَذِّبُ بدمعِ العينِ، ولا بحُزْنِ القْلبِ، ولكن يعذبُ بهذا - وأشار إلى لسانِهِ - أو يرحمُ، وإن الميتَ ليُعَذَّبُ ببكاءِ أهلِهِ عليه".
"وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: اشتكى سعد بن عبادة شكوى"؛ أي: مرض مرضًا.
"فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فلما دخل وجده في غاشية"؛ أي: في شدة من المرض، ولم يرد به حال الموت؛ لأنه لم يمت في مرضه ذلك، بل عاش بعد النبي - عليه الصلاة والسلام - مدة، وتوفي في خلافة عمر - رضي الله عنه -.
"فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، بكوا فقال: ألا تسمعون"؛ أي: أما سمعتم؟ وأما علمتم؟
"إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا؛ وأشار إلى لسانه"؛ أي: يأثم بما يصدر من لسانه إن [كان] شراً من ندبة، أو نياحة، أو غيرهما.
"أو يرحم": بهذا إن خيراً مثل أن يقول: إنالله وإنا إليه راجعون، أو يترحم عليه، أو يستغفر له.
"وإن الميتَ ليعذبُ ببكاء أهله عليه": قيل: هذا محمول على ما إذا أوصى أهله أن يبكوا عليه، ويشقوا ثيابهم، ويضربوا خدودهم، كما كان يفعل أهل الجاهلية، فيكون آمراً بمعصية وراضياً بها؛ لأن الله تعالى قال:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤].