للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السامعين وفي قلوبهم.

"وهو نائم"، فرجعت، "ثم أتيته": مرة أخرى، "وقد استيقظ"؛ أي: وجدته منتبهاً من النوم.

"فقال: ما من عبد قال: لا إله إلا الله": وإنما لم يذكر: محمد رسول الله؛ لأنه معلوم أنه بدونه لا ينفع.

"ثم مات على ذلك"؛ أي: على الثبات على الإيمان، وفيه إشعارٌ بأن من ارتذَ عن دينه، ومات على الردة، لا ينفعه إيمانه في الزمان الماضي.

"إلا دخل الجنة"؛ أي: كان عاقبته دخول الجنة، وإن كان له ذنوبٌ كثيرة؛ لأن الله تعالى إن شاء عفا، وإن شاء عذَّب بقدر ذنوبه، ثم أدخله الجنة. قال أبو ذر: "قلت: وإن زنى وإن سرق"؟ وتسمى هذا الواو واو المبالغة، ولا بد فيه من تقدير حرف الاستفهام، وإنما كان تعجب أبي ذر من هذا الحديث؛ لأجل أن الزنا والسرقة وغيرهما من الذنوب موجبة العقوبة، فكيف يدخله الجنة مع استحقاق العقوبة؟

"قال - صلى الله عليه وسلم -: وإن زنى وإن سرق": فيه دلالةٌ على أن أهل الكبائر لا يُسلَب عنهم اسم الإيمان، فإن من ليس بمؤمن لا يدخل الجنة اتفاقاً، وعلى أنها لا تحبط الطاعات؛ لتعميمه - صلى الله عليه وسلم - الحكمَ وعدم تفصيله.

"قلت: وإن زنى وإن سرق": تكرار أبي ذر هذا ليس للإنكار، بل لظنه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعله يجيب بجواب آخر، فيجد فائدة أخرى.

"قال - صلى الله عليه وسلم -: وإن زنى وإن سرق. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي ذر"، يقال: رغم أنفه؛ أي: ألصقه بالرغام، وهو التراب، ويستعمل بمعنى: الذل؛ أي: على خلاف مراده، ولأجل مذلته.

وقيل: بمعنى كره؛ إطلاقًا لاسم السبب على المسبب؛ أي: وإن كره

<<  <  ج: ص:  >  >>