"وروح منه": سماه روحاً؛ لأنَّ الله تعالى أحيا به الأمواتَ، فكان كالروح، أو لأنَّه حدث من نفخ الروح بإرساله جبرائيل إلى أمه، فنفخ في درعها مشقوقاً من قدامها، فوصل النفخ إليها، فحملت به مُقدَّساً عن لوث النطفة، والتقلُّبِ في أطوار الخلقة، وفيه أقوال كثيرة تطلب في التفاسير.
"والجنة والنار حق": أفرد لفظاً (الحق)؛ لأنَّه مصدر يقع على القليل والكثير، أو لإرادة كلِّ واحدة منهما.
"أدخله الله تعالى الجنة على ما كان من العمل"؛ يعني: على أيِّ عمل كان سيئاً أو حسنًا.
* * *
٢٧ - وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أَتيتُ النبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فقلت له: ابْسُطْ يمينكَ فلأَبايعْكَ، فبسطَ يمينَهُ، فقبضْتُ يدي، فقال:"ما لَكَ يا عمرو؟ "، قلت: أردتُ أنْ أشترطَ، قال:"تشترطُ ماذا؟ "، قلت: أنْ يُغفرَ لي، قال:"أما علمتَ يا عمرو! أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كانَ قبلَهُ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كانَ قبلَها، وأنَّ الحجَّ يهدمُ ما كان قبلَهُ؟ "، فبايعتُه.
"وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: أتيت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ابسط"؛ أي: امدد "يمينك فلأبايعك": الفاء فيه لو جُعِلت جوابَ الأمر، واللام لام كي، وهما للسببية، لاجتمع حرفا السببية، فيُجعَلُ أحدهما زائدًا؛ لئلا يجتمع حرفان لمعنى، وهو منصوب بإضمار (أن).
"فبسط يمينه، فقبضت يدي"؛ أي: إلى نفسي.
"فقال: مالك يا عمرو؟ "؛ أي: أي شيء ظهر في خاطرك حتَّى امتنعت عن المبايعة في الإسلام؟