للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ لِي سُلَيْمَانُ: يَا أَحْمَدُ إِنِّي أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ، فَلَا تُحَدِّثْ بِهِ حَتَّى أَمُوتَ: نِمْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَنْ وِرْدِي فَإِذَا بِحَوْرَاءَ تُنَبِّهُنِي وَتَقُولُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ تَنَامُ وَأَنَا أُرَبَّى لَكَ فِي الْخُدُورِ مُنْذُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إِذَا جَاءَتِ الدُّنْيَا إِلَى الْقَلْبِ تَرَحَّلَتِ الْآخِرَةُ، وَإِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا فِي الْقَلْبِ لَمْ تَجِئِ الْآخِرَةُ تَزْحَمُهَا، وَإِذَا كَانَتِ الْآخِرَةُ فِي الْقَلْبِ جَاءَتِ الدُّنْيَا تَزْحَمُهَا، لأَنَّ الدُّنْيَا لَئِيمَةٌ وَالْآخِرَةُ عَزِيزَةٌ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ شَيْءٌ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَدَرَّعَ عَبَاءَةً وَيَلْزَمَ الطَّرِيقَ، لأن العباءة علم من أعلام الزهد، ولو أَنَّهُ سَتَرَ زُهْدَهُ بِثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ يَخْلِطُهُ بِالنَّاسِ كَانَ أَسْلَمَ لَهُ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَيْفَ يَتْرُكُ الدُّنْيَا مَنْ تَأْمُرُونَهُ بِتَرْكِ الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ، وَهُمْ إِذَا أَلْقَوْهَا أَخَذْتُمُوهَا أَنْتُمْ.

وَقَالَ: كُلُّ مَا شَغَلَكَ عَنِ اللَّهِ مِنْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَهُوَ عَلَيْكَ مَشْئُومٌ.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إِذَا ذَكَرْتُ الْخَطِيئَةَ لَمْ أَشْتَهِ أَنْ أَمُوتَ، قُلْتُ: أَبْقَى لَعَلِّي أَتُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>