للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ مَحْمُودٍ الْفَرَجِ الْوَذِيكَابَاذِي رَحِمَهُ اللَّهُ

كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللُّبْنَانِيُّ: كُنْتُ أَصْحَبُ أَبَا بَكْرٍ مَحْمُودَ بْنَ الْفَرَجِ، فَكَانَ يَجْمَعُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ دَرَاهِمَ فَيُفَرِّقُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ يَذْكُرْنِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَكُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا فِي مَسْجِدِي وَخَطَرَ عَلَى قَلْبِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ يَجْمَعُ لِأَصْحَابِهِ وَيَنْسَانِي، وَكُنْتُ إِذًا فِي إِضَافَةِ وَقْتٍ، فَمَا تَمَّ خَاطِرِي حَتَّى دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: يَا أَبَا حَسَنِ لَا تُنَافِرْنِي فِي سِرِّكَ، فَإِنِّي حَرَّمْتُ مَا أَجْمَعُهُ عَلَى نَفْسِي وَعِيَالِي وَقَدْ أَدْخَلْتُكَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِي.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَفَّافُ الْمُذَكِّرُ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ الْوَذِيكَابَاذِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَخْيَارِ فِي رِبَاطِ أَبِي بَكْرٍ الْمُغَازِلِيِّ لَيْلَةً، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا دَخَلَ الرِّبَاطَ رَجُلٌ وَقَالَ: أُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ الْوَذِيكَابَاذِيَّ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: اللَّهَ اللَّهَ فِي أَمْرِي فَإِنِّي رَجُلٌ فَقِيرٌ، وَزَوَّجْتُ ابْنَةً لِي مِنْ رَجُلٍ، ولَيْسَ لِي نَفَقَةً وَأَنَا مُتَحَيَّرٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: امْضِ الْآنَ فَارْجَعْ بَعْدَ الْعَصْرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَفَّافُ: فَمَا بَرِحْنَا مِنَ الرِّبَاطِ، وَلَمْ يُفَارِقْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ، فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ جَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ جَيْبِهِ صُرَّةً وَدَفَعَهَا إِلَى الرَّجُلِ، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ، قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِكَ أَحَدٌ وَلَمْ تُفَارِقْنَا، وَلَا نَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعَكَ، فَمَا زِلْنَا نُلِحُّ عَلَيْهِ وَنَسْأَلُهُ حَتَّى قَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي كُلَّمَا احْتَجْتُ إِلَى شَيْءٍ بِالضَّرُورَةِ يَدْفَعُهُ إِلَيَّ الْخِضْرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قِيلَ: مَاتَ بِطَرَسُوسَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>