للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّبَّةَ، الدَّبَّةُ عَتِيقَةٌ يَابِسَةٌ، فَأَخَذَهَا وَصَبَّ الْبِزْرَ مِنْهَا صَبًّا فَتَعَجَّبْنَا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عِيسَى الْإِسْكَافَ، يَقُولُ: حَضَرْتُ لَيْلَةً مَعَ يَحْيَى الْكُلَّانِيِّ فَنَفِدَ الْبِزْرُ مِنَ السِّرَاجِ فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ وَقَرَأَ وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ حَوْلَ السِّرَاجِ فَكَانَ يُضِيءُ إِلَى الصَّبَاحِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَطْفَأَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ يَحْيَى: لَوْ تَرَكْتُمُوهُ لَكَانَ يُضِيءُ إِلَى أَنْ يُطْفَأَ.

وَقَالَ يَحْيَى الْكُلَّانِيُّ: لَمَّا خَرَجْتُ إِلَى الْحَجِّ وَدَخَلْتُ الْبَادِيَةَ ضَلَلْتُ لَيْلَةً عَنِ الْقَافِلَةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ أَحْمَدَ بْنِ مَيْمُونٍ، يَقُولُ بِالْفَارِسِيَّةِ: عَلَى الْيَمِينِ، فَأَخَذْتُ طَرِيقَ الْيَمِينِ وَبَلَغْتُ الْقَافِلَةَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنَ الْحَجِّ دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مَيْمُونٍ، فَقَالَ لِي: هَلْ سَمِعْتَ نِدَائِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي ضَلَلْتَ فِيهَا عَنِ الْقَافِلَةِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ بِنِدَائِكَ أَدْرَكْتُ الْقَافِلَةَ.

ذِكْرُ أَحْمَدَ بْنِ حَيْوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

وَكَانَ مِنْ قُرْبِ الْبَلَدِ، وَكَانَ أَكَّارًا، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، جَوَّاعًا بَكَّاءً، يُحْيِي اللَّيْلَ فِي الرَّكْعَةِ وَيَخْتِمُ فِيهَا خَتْمَةً، وَكَانَتْ لَهُ أَوْقَاتٌ يَغِيبُ فِيهَا، وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ خَارِجٍ مِنَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِيَالِ وَالْأَوْلَادِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تُوصِي الصِّبْيَانَ وَتَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>