للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا لَمْ يَنْصَبُّ مِنْهَا شَيْءٌ، فَجَعَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يُنَادِي: يَا سَلْمَانُ، انْظُرْ إِلَى الْعَجَبِ، انْظُرْ إِلَى مَا لَمْ تَنْظُرْ إِلَى مِثْلِهِ أَنْتَ وَلَا أَبُوكَ، فَقَالَ سَلْمَانُ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَكَتَّ لَسمعت مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْكُبْرَى.

فَصْلٌ

رُوِيَ عَنْ شُرَحْبِيلَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا رَأَى جِنَازَةً قَالَ: اغْدُوا فَإِنَّا رَائِحُونَ، أَوْ رُوحُوا فَإِنَّا غَادُونَ، مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ، وَغَفْلَةٌ سَرِيعَةٌ، كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، يَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَيَبْقَى الْآخِرُ لَا حِلْمَ لَهُ.

وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يَقُولُ: مَنْ يَعْمَلْ لِمِثْلِ يَوْمِي هَذَا؟ مَنْ يَعْمَلْ لِمِثْلِ سَاعَتِي هَذِهِ؟ مَنْ يَعْمَلْ لِمِثْلِ مَضْجَعِي هَذَا؟ ثُمَّ يَقُولُ: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ١١٠] .

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أُحِبُّ الْمَوْتَ اشْتِيَاقًا إِلَى رَبِّي، وَأُحِبُّ الْفَقْرَ تَوَاضُعًا لِرَبِّي، وَأُحِبُّ الْمَرَضَ تَكْفِيرًا لِخَطِيئَتِي.

وَاشْتَكَى أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: مَا تَشْتَكِي؟ قَالَ: أَشْتَكِي ذُنُوبِي، قَالُوا: فَمَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَشْتَهِي الْجَنَّةَ، قَالُوا: أَفَلَا نَدْعُوا لَكَ طَبِيبًا؟ قَالَ: هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>