للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبْيَنَ هَذَا الغَبْنَ، وَأَخَسَّ هَذَا الْأَمْرَ! كَانَتِ الدُّنْيَا تَبْلُغُ مِنْ مِثْلِكَ هَذَا فِي كِبَرِ سِنِّكَ وَرُسُوخِ عِلْمِكَ وَحُضُورِ أَجَلِكَ، فَمَنْ يَلُومُ الْحَدِثَ فِي سِنِّهِ، الْجَاهِلَ فِي عِلْمِهِ، الْمَأْفُونَ فِي رَأْيِهِ، الْمَدْخُولِ فِي عَقْلِهِ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , عَلَى مَنِ الْمُعَوَّلُ وَعِنْدَ مَنِ الْمُسْتَغَاثُ، نَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ مُصِيَبَتَنَا، وَنَشْكُوا إِلَيْهِ بَثَّنَا، وَنَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي عَافَانَا مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.

فصل قَالَ مُطَرِّفٌ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي حَازِمٍ الأَعْرَجِ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَقُلْنَا: يَا أَبَا حَازِمٍ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي رَاجِيًا لِلَّهِ حُسْنَ الظَّنِّ بِهِ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَسْتَوِي مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ يُعَمِّرُ عَقْدَ الْآخِرَةِ لِنَفْسِهِ، فَيُقَدِّمُهَا أَمَامَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ الْمَوْتُ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْهَا، وَمَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ فِي عَقْدِ الدُّنْيَا يُعَمِّرُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ إِلَى الْآخِرَةِ لَا حَظَّ لَهُ فِيهَا وَلَا نَصِيبُ.

وَقَالَ: لَئِنْ نَجَوْنَا مِنْ شَرِّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا يَضُرُّنَا مَا زُوِيَ عَنَّا مِنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>