للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ أَبِي الْغَرِيبِ الْأَصْبَهَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

لَقِيَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْمَشَايِخِ، أَقَامَ بِطَرَسُوسَ بَرْهَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِيرَازَ وَاعْتَلَّ فِيهَا عِلَّةً شَدِيدَةً ظَنَنَّا أَنَّهُ يَمُوتُ، فَقَالَ: إِنْ مِتُّ بِشِيرَازَ فَادْفِنُونِي فِي مَقَابِرِ الْيَهُودِ، فَتَعَجَّبْنَا مِنْ قَوْلِهِ وَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مَوْتِي بِطَرَسُوسَ وَلَا أَشُكُّ أَنَّ مَوْتِي هُنَاكَ، فَبَرَأَ مِنَ الْعِلَّةِ، وَخَرَجَ، وَآخِرَهُ مَاتَ بِطَرَسُوسَ.

قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْغَرِيبِ بِطَرَسُوسَ وَقَدْ وَرِمَتْ فَخْذَاهُ، وَشُقَّ مِنْ وَرْكِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَسَالَ مِنْهُ الْقَيْحُ الْكَثِيرُ وَهُوَ بِحَالٍ عَجِيبَةٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: كَمَا تَرَوْنَ وَبَعْدَمَا قُلْتُ: مَسَّنِي الضَّرُّ.

مَاتَ بِطَرَسُوسَ.

فَصْلٌ

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ: دَخَلْتُ الشَّامَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ، فَرَأَيْتُ بَقَايَا الْمَشَايِخِ، وَلَقِيتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمَرْعَشِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حِكَايَةٍ عَنِ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: كُنْتُ أَصْطَادُ السَّمَكَ فِي نَهْرِ أَنْطَاكِيَةَ فَإِذَا أَنَا بِالشَّيْخِ مِنْ جَانِبِ النَّهْرِ، يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَرْعَشِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

فَقَالَ لِي: أَتَصْطَادُ الْمُسَبِّحَاتِ؟ فَقُلْتُ عَلَى الْبَدِيهَةِ: الْمُسَبِّحَاتُ مَحْفُوظَاتٌ، وَلَكِنِّي مُسَلَّطٌ عَلَى النَّاسِيَاتِ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ وَغَابَ عَنِّي، فَأَظُنُّهُ كَانَ الْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>