طَرِيقُ الْبَسْطِ، فَزَلَلْتُ زَلَّةً فَحُجِبْتُ عَنْ مَقَامِي فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ دُلَّنِي عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَبَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: يَا أَخِي، الْكُلُّ فِي قَهْرٍ هَذِهِ الْخُطَّةِ، لَكِنِّي أُنْشِدُكَ أَبْيَاتًا لِبَعْضِهِمْ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
قِفْ بِالدِّيَارِ فَهَذِهِ آثَارُهُمْ ... تَبْكِي الْأَحِبَّةَ حَسْرَةً وتَشَوُّقًا
كَمْ قَدْ وَقَفْتُ بِهَا أُسَائِلُ مُخْبِرًا ... عَنْ أهْلِهَا أَوْ صَادِقًا أَوْ مُشفِقًا
فَأَجَابَنِي دَاعِي الْهَوَى فِي رَسْمِهَا ... فَارَقْتَ مَنْ تَهْوَى فَعَزَّ الْمُلْتَقَى
ذِكْرُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَانِسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
كَانَ مِنْ كِبَارِ الْقَوْمِ، قِيلَ: رَكِبَ الْبَحْرَ فِي بَعْضِ سِيَاحَتِهِ، فَعَصَفَتْ عَلَيْهِمُ الرِّيحُ فِي مَرْكَبِهِمْ، فَدَعَا أَهْلُ الْمَرْكَبِ وَتَضَرَّعُوا وَنَذَرُوا النُّذُورِ، فَقَالُوا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: كُلُّنَا قَدْ عَاهَدْنَا اللَّهَ وَنَذَرْنَا إِنْ نَجَّانَا اللَّهُ، فَأَنْذِرْ أَيْضًا أَنْتَ وَعَاهَدِ اللَّهَ عَهْدًا، قَالَ: أَنَا مُتَجَرِّدٌ مِنَ الدُّنْيَا، مَالِي وَالنَّذْرِ، قَالَ: فَأَلَحُّوا عَلَيَّ فَقُلْتُ: لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ خَلَّصَنِي اللَّهُ مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ لَا آكُلَ لَحْمَ الْفِيلِ.
فَقَالُوا: إِيشِ هَذَا النَّذْرُ؟ وَهَلْ يَأْكُلُ لَحْمَ الْفِيلِ أَحَدٌ؟ فَقُلْتُ: كَذَا وَقَعَ فِي سِرِيِّ وَأَجْرَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِي.
وَانْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ، وَوَقَعَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى السَّاحِلِ فَبَقَيْنَا أَيَّامًا لَمْ نَذُقْ ذَوَاقًا، فَبَيْنَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute