لِلَّهِ، قُلْتُ: لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ: تَأْتِي بَغْدَادَ فَتَسْأَلُ عَنْهُ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَامَ وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقُلْنَا لِلرَّجُلِ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: لَا، كَانَتْ أَمَانَةً فَأَدَّيْتُهَا.
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي يَوْمًا مِنْ أَيَّامِ الْوَاثِقِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ نَحْنُ، وَقَدْ خَرَجَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ وَكَانَ لَهُ لَبَدٌ يَجْلِسُ عَلَيْهِ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ سِنُونَ كَثِيرَةٌ حَتَّى بَلِيَ فَإِذَا تَحْتَهُ كِتَابُ كَاغِدٍ وَإِذَا فِيهِ: بَلَغَنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الضِّيقِ وَمَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ وَقَدْ وُجِّهْتُ إِلَيْكَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ لِتَقْضِيَ بِهَا دَيْنَكَ وَتُوَسِّعَ عَلَى عِيَالِكَ وَمَا هِيَ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا زَكَاةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ وَرِثْتُهُ عَنْ أَبِي، فَقَرَأْتُ الْكِتَابَ وَوَضَعْتُهُ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَهْ هَذَا الْكِتَابُ فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ وَقَالَ: رَفَعْتُهُ مِنْكَ، ثُمَّ قَالَ: تَذْهَبُ بِجَوَابِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: وَصَلَ كِتَابُكَ وَنَحْنُ فِي عَافِيَةٍ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنَّهُ لَرَجُلٌ لَا يُرْهِقُنَا، وَأَمَّا عِيَالُنَا فَهُمْ فِي نِعْمَةٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَذَهَبْتُ بِالْكِتَابِ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَوْصَلَ كِتَابَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ لَوْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَبِلَ هَذَا الشَّيْءَ وَرُمِيَ بِهِ بِدِجْلَةَ كَانَ مَأْجُورًا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ حِينٍ وَرَدَّ كِتَابَ الرَّجُلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْجَوَابَ بِمِثْلِ مَا رَدَّ، فَلَمَّا مَضَتْ سَنَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ذَكَرَهَا، فَقَالَ: لَوْ كُنَّا قَبِلْنَاهَا كَانَتْ قَدْ ذَهَبَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute