للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْجَلَاءِ: لَقِيتُ سِتَّ مِائَةِ شَيْخٍ مَا لَقِيتُ فِيهِمْ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ، أَوَّلُهُمْ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ، تُوُفِّيَ بِالْبَادِيَةِ، قِيلَ: نَهَشَتْهُ السِّبَاعُ.

وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنْتُمْ تُحِبُّونَ ثَلَاثَةً، وَلَيْسَ هِيَ لَكُمْ: تُحِبُّونَ النَّفْسَ وَهِيَ لِلَّهِ، وَتُحِبُّونَ الرُّوحَ وَالرُّوحُ لِلَّهِ، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ وَالْمَالُ لِلْوَرَثَةِ، وَتَطْلُبُونَ اثْنَتَيْنِ وَلَا تَجِدُونَهُمَا: الْفَرَحَ، وَالرَّاحَةَ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ.

قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ: كَانَ أَبُو تُرَابٍ مِنْ جِلَّةِ مَشَايخِ خُرَاسَانَ، وَالْمَذْكُورِينَ بِالْعِلْمِ، وَالْفَتْوَةِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالزُّهْدِ، وَالْوَرَعِ.

وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ: لَيْسَ مِنَ الْعِبَادَاتِ شَيْءٌ أَنْفَعُ مِنْ إِصْلَاحِ خَوَاطِرِ الْقُلُوبِ.

وَقَالَ: أَشْرَفُ الْقُلُوبِ قَلْبٌ حَيٌّ بِنُورِ الْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي تُرَابٍ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: يَوْمَ يَكُونُ لِي إِلَيْكَ وَإِلَى أَمْثَالِكَ حَاجَةٌ لَا يَكُونُ لِي إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ.

وَقَالَ: الْفَقِيرُ قُوتُهُ مَا وَجَدَ، وَلِبَاسُهُ مَا سَتَرَ، وَمَسْكَنُهُ حَيْثُ نَزَلَ.

وَقَالَ: حَقِيقَةُ الْغِنَى أَنْ تَسْتَغْنِي عَمَّنْ هُوَ مِثْلُكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>