للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجْتُ مِنْ حِمْصٍ إِلَى بيِسَانَ، وَمِنْ بِيسَانَ إِلَى الرَّقَّةِ، وَمِنَ الرَّقَّةِ رَكِبْتُ الْفُرَاتِ إِلَى بَغْدَادَ، وَخَرَجْتُ قَبْلَ خُرُوجِي إِلَى الشَّامِ مِنْ وَاسِطٍ، وَمِنْ وَاسِطٍ إِلَى الْكُوفَةَ، كُلُّ ذَلِكَ أَمْشِي، هَذَا فِي السَّفَرِ الْأَوَّلِ، وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً أَجُولُ سَبْعَ سِنيِنَ، خَرَجْتُ مِنَ الرَّيِّ سَنَةَ ثَلَاثِ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، وَخَرَجْتُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَرَجَعْتُ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَحَجَجْتُ الْحَجَّةَ الْأُولَى سَنَةَ خَمْسِ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، وَالْحَجَّةُ الثَّانِيَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَالثَّالِثَةُ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَالرَّابِعَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَفِيهَا حَجَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنِي، وَقَالَ: بَقِيتُ بِالْبَصْرَةَ سَنَةَ أَرْبَعِ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَ فِي نَفْسِي أَنْ أُقِيمَ سَنَةً، فَانْقَطَعَتْ نَفَقَتِي، فَجَعَلْتُ أَبِيعُ ثِيَابَ بَدَنِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، حَتَّى بَقِيتُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَمَضَيْتُ أَطُوفُ مَعَ صَدِيقٍ لِي عَلَى الْمَشْيَخَةِ، وَأَسْمَعُ مِنْهُمْ إِلَى الْمَسَاءِ، فَانْصَرَفَ رَفِيقِي، وَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتٍ خَالٍ، فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ الْمَاءَ مِنَ الْجُوعِ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ مِنَ الْغَدِ وَغَدَا عَلَيَّ رَفِيقِي، فَجَعَلْتُ أَطُوفُ مَعَهُ فِي سَمَاعِ الْحَدِيثِ عَلَى جُوعٍ شَدِيدٍ فَانْصَرَفَ عَنِّي وَانْصَرَفْتُ جَائِعًا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَا عَلَيَّ.

فَقَالَ: سِرْ بِنَا إِلَى الْمَشَايخِ، فَقُلْتُ: أَنَا ضَعِيفٌ لَا يُمْكِنُنِي، قَالَ: مَا ضَعْفُكَ؟ قُلْتُ: لَا أَكْتُمُكَ أَمْرِي، قَدْ مَضَى كَذَا وَكَذَا مَا طَعُمْتُ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: قَدْ بَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>