للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي قَدْ أَلْقَيَا بِأَنْفُسِهِمَا مَغْشِيًّا عَلَيْهِمَا، فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِرَجُلٍ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِي فَفَتَحْتُ عَيْنِي، فَقُلْتُ: اسْقِنِي فَصَبَّ الْمَاءَ مِنْ رَكْوَتِهِ شَيْئًا يَسِيرًا فَشَرِبْتُ وَرَجَعَتْ إِلَيَّ نَفْسِي فَقُلْتُ: اسْقِنِي فَسَقَانِي شَيْئًا يَسِيرًا، وَأَخَذَ بِيَدِي فَقُلْتُ: وَرَائِي شَيْخٌ مُلْقَى، قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا أَمْشِي أَجُرُّ رِجْلِي يَسْقِينِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ إِلَى سَفِينَتِهِمْ وَأَتُوا بِرَفِيقِي الشَّيْخِ وَأَحْسَنُوا إِلَيْنَا فَبَقِينَا أَيَّامًا حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْنَا أَنْفُسُنَا، ثُمَّ كَتَبُوا لَنَا كِتَابًا إِلَى مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا رَايَةُ، إِلَى وَالِيهِمْ وَزَوَّدُوَنَا مِنَ الْكَعْكِ وَالسَّوِيقِ وَالْمَاءِ، فَلَمْ نَزَلْ نَمْشِي حَتَّى نَفَدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الْمَاءِ وَالسَّوِيقِ وَالْكَعْكِ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي جِيَاعًا عِطَاشًا عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ فَدُفِعْنَا إِلَى سُلْحِفَاةٍ قَدْ رَمَى بِهَا الْبَحْرِ مِثْلَ التِّرْسِ، فَعَمَدْنَا إِلَى حَجَرٍ كَبِيرٍ، فَضَرَبْنَا عَلَى ظَهْرِ السُّلْحِفَاةِ، فَانْفَلَقَ ظَهْرُهَا وَإِذَا فِيهَا مِثْلَ صُفْرَةِ الْبَيْضِ، فَأَخَذْنَا مِنْ بَعْضِ الْأَصْدَافِ الْمُلْقَاةِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، فَجَعَلْنَا نَغْتَرِفُ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْفَرُ فَنَتَحَسَّاهُ حَتَّى سَكَنَ عَنَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ حَتَّى دَخَلْنَا مَدِينَةِ الرَّايَةِ، وَأَوْصَلْنَا الْكِتَابَ إِلَى عَامِلِهِمْ، فَأَنْزَلَنَا فِي دَارِهِ وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، وَكَانَ يُقَدِّمُ إِلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ الْقَرْعَ، وَيَقُولُ لِخَادِمِهِ: هَاتِي لَهُمْ بِالْيَقْطِينَ الْمَارِكِ، فَقَالَ وَاحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>