فَقَالَ: خَفِّفْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَتَهَيَّأُ لِي أَنْ أَعْمَلَ مَا يَعْمَلُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِينِيَّ الْوَاعِظَ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ السَّاجِيِّ، وَكَانَ مِنَ الْمَذْكُورِينَ، يَقُولُ: وَقَالَ لَهُ بَعْضُ إِخْوَانِهِ: إِيشْ خَبَرُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَعَ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ لَهُ: إِذَا دَخَلْتُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الصَّلَاةِ فَسَلِّمَ نَفْسَكَ إِلَيْهِ يَعْمَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الرَّازِيَّ بَعْدَ وَفَاةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ لِلتَّعْزِيَةِ، وَالْمَسْجِدُ غَاصٌ بِأَهْلِهِ، قَامَ فَقَرَأَ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {١} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١-٢] إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} [المؤمنون: ١٠] الْآيَةَ.
فَضَجَّ الْمَسْجِدُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَقَالُوا: نَرْجُو أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ كَانَتْ كُلَّهَا فِيهِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: دَخَلْنَا يَوْمًا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِغَلِسٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَكَانَ عَلَى الْفِرَاشِ قَائِمًا يُصَلِّي وَكُنَّا جَمَاعَةً، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الدَّرَسْتِينِيُّ فِي الْجَمَاعَةِ فَرَكَعَ وَأَطَالَ الرُّكُوعَ، فَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: هُوَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا فِي صِحَّتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute