فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الْبَادِيَةِ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ، فَجَعَلَ يُعَالِجُهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: تَقَدَّمُوا.
فَلَمَّا تَقَدَّمُوا إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ تَمَثَّلَ لَهُ، قَالَ: أَنَا عَقَلْتُ نَاقَتَكَ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِحَاجَةٍ لِي إِلَيْكَ، إِنْ قَضَيْتَهَا أَطْلَقْتُ نَاقَتَكَ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: جَارُكَ فُلَانٌ بِالْبَصْرَةِ لَهُ دِيكٌ أَفْرَقُ إِذَا قَدِمْتَ فَسَلْهُ أَنْ يَهِبَهُ لَكَ فَتَذْبَحَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَنْ رَاحِلَتِكَ.
قَالَ: أَفعَلُ، فَأَطْلَقَ نَاقَتَهُ، فَحَجَّ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمَّا صَارَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ فَقَالَ لِأَصْحَابَهُ: انْطَلِقُوا حَتَّى أُعَالِجَهَا، فَلَمَّا مَضَى إِذَا هُوَ بِصَاحِبِهِ، قَالَ: أَنْتَ عَلَى مَا قُلْتَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ.
قَالَ: بِمَ أَعْتَصِمُ مِنْكُمْ؟ قَالَ: يَقُولُ الْعَبْدُ {مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ} [الكهف: ٣٩] قَالَ: فَقَدِمَ الرَّجُلُ وَتَلَقَّاهُ الْجِيرَانُ، فَتَلَقَّاهُ جَارَهُ فِيمَنْ تَلَقَّاهُ، قَالَ: يَا فُلَانُ دِيكُكُ الْأَفْرَقُ تَهِبُهُ لِي أَذْبَحُهُ قَبْلَ أَنْ أَنْزِلَ عَنْ رَاحِلَتِي، قَالَ: قَدْ هَيَّأْتُ لَكَ مِنَ الْخِرَافُ وَالْهَدَايَا كَذَا وَكَذَا، قَالَ: دِيكُكَ أُرِيدُ، فَأَخْرَجَ الدِّيكُ فَذَبَحَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ، فَلَمَّا أَنْ أَسْحَرَ إِذَا هُوَ بِالْوَاعِيَةِ، قَالَ: مَالَهُمْ، قَالُوا: فُلَانٌ جَارُكَ انْتَسَفَتِ ابْنَتُهُ الْبَارُحَةَ، فَقَالَ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] أَنَا صَاحِبُهَا، فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ حَجَّ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، قَفَا الْأَثَرَ الَّذِي رَأَى الْجِنِّيَ أَقْبَلَ مِنْهُ، قَالَ: فَانْتَهَى إِلَى مَوْضِعِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْجَارِيَةِ وَقَدْ كَانَ رَآهَا فِي صِغَرِهَا، قَالَ: فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: فُلَانَةُ، قَالَ: فَمَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: عَارِيَةً كَمَا تَرَانِي، جَائِعَةً ذَاهِبَةَ اللَّوْنِ، قَالَ: قَدْ أَرَاكِ.
مَا قِصَّتِكِ؟ قَالَتْ: هَذَا مَارِدٌ مِنَ الْمَرَدَةِ انْتَسَفَنِي لَيْلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute