كَانَ عَلَيْكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَخْطُوطًا، وَإِلَى صَرْفِ قَضَاءٍ كَانَ بِهِ الْعَبْدِ مَرْبُوطًا؟ وَقِيلَ لَهُ يَوْمًا: بِمَاذَا يُرَوِّضُ الْمُرِيدُ نَفْسَهُ؟ وَكَيْفَ يُرَوِّضُهَا؟ قَالَ: بِالصَّبْرِ عَلَى الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي وَصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ وَخِدْمَةِ الرُّفَقَاءِ، وَمُجَالَسَةِ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَرْءُ حَيْثُ وَضَعَ نَفْسَهُ، ثُمَّ تَمَثَّلَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
صَبَرْتُ عَلَى اللَّذَّاتِ حَتَّى تَوَلَّتِ ... وَأَلْزَمْتُ نَفْسِي هَجْرَهَا فَاسْتَمَرَّتِ
وَمَا النَّفْسُ إِلَّا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى ... فَإِنْ طَعِمَتْ تَاقَتْ وَإِلَّا تَسَلَّتِ
وَكَانَتْ عَلَى الْأَيَّامِ نَفْسِي عَزِيزَةً ... فَلَمَّا رَأَتْ عَزْمِي عَلَى الذُّلِّ ذَلَّتِ
وَقَالَ: مَنْ حَفِظَ قَلْبَهُ مَعَ اللَّهِ بِالصِّدْقِ أَجْرَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ الْحِكْمَةِ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: ٢٦] قَالَ: أَهَّلَهُمْ فِي الْأَزَلِ لِلتَّقْوَى وَأَظْهَرَ عَلَيْهِمْ فِي الْوَقْتِ كُلِّهِ الْإِيمَانَ وَالْإِخْلَاصَ، وَقَالَ: ظُلْمُ الْأَطْمَاعِ يَمْنَعُ أَنْوَارَ الْمُشَاهَدَاتِ.
فَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩] قَالَ: إِظْهَارُ غَائِبٍ وَتَغْيِيبُ ظَاهِرٍ، وَقَالَ: مَا اسْتَقَامَ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَصْبِرَ عَلَى الذُّلِّ مِثْلَ مَا يَصْبِرُ عَلَى الْعِزِّ.
وَقَالَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مِنْ أَيْنَ مَعَاشُكَ؟ فَقَالَ: مِنْ عِنْدِ مَنْ ضَيَّقَ الْمَعَاشَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، وَوَسَّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.
وَقَالَ: الْأَغْنِيَاءُ أَرْبَعَةٌ: غَنِيٌّ بِاللَّهِ، وَغَنِيٌّ بِغِنَى اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute