للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُنْتُ حَافِيًا حَاسِرًا فَبِتُّ فِيهِ فَإِذَا أَنَا بَسَبْعٍ دَخَلَ الْحِصْنَ يَصِيحُ وَيَزْأَرُ، وَكُنْتُ أَجِدُ الْبَرْدَ فَقُلْتُ لِلسَّبُعِ: لَا تُسِئْ أَدَبَكَ، فَجَاءَ إِلَيَّ خَلْفِي وَوَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى ظَهْرِي فَأَدْفَأَنِي فَكَانَ كَذَلِكَ إِلَى الصَّبَاحِ، وَكُنْتُ طَلَبْتُ شَيْئًا أَجْعَلَهُ تَحْتَ رَأْسِي فَمَسَسْتُ شَيْئًا وَأَخَذْتُهُ وَوَضَعْتُهُ تَحْتَ رَأْسِي، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ فَإِذَا هُوَ رَأْسُ إِنْسَانٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْحِصْنِ لِأَسْتَقِي مِنَ الْبِئْرِ، فَإِذَا بَشَيْءٍ دَاخِلُ فِي الْبِئْرِ أَسْوَدُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ حَبْلٌ أَسْوَدُ فَقَبَضْتُ عَلَيْهِ وَجَذَبْتُهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ سَوْدَاءُ تَشْرَبُ مِنَ الْبِئْرِ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّامِيُّ: قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَاحِبُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ: تَدْرِي لِمَ سُمِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ كَبْوَلَةَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لَا.

فَقَالَ: هَهُنَا بِبَغْدَادَ تَاجِرٌ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ الصَّرْصَرُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، فَاجْتَمَعَ أَصْحَابُنَا عِنْدَهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ فَعَمَلَ لَهُمْ كَبْوَلَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا فِي الاعْتِكَافِ وَبَقِيَ أَبُو جَعْفَرٍ كَبْوَلَةُ، فَظَنَّ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَفْطِرُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصَّرْصَرِ فَمَضَى أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى جَامِعِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ النِّصْفُ مِنْ رَمَضَانَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُنَا فِي جَامِعِ الْمَدِينَةِ، فَرَأَوْا أَبَا جَعْفَرٍ وَتَحَدَّثُوا، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ: كَيْفَ أَنْتُمْ فِي هَذَا رَمَضَانَ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ فِي الْمَاءِ الْبَاقِلِّيِّ بَعْدَ مَا أَكَلْنَا الدَّسَمَ وَلَكِنَّكَ فِي الدَّسَمِ فِي دَارِ الصَّرْصَرِ، فَقَالَ: يَا أَصْحَابَنَا أَنَا بَعْدُ فِي الْكَبْوَلَةِ الَّتِي أَكَلْتُهَا لَيْلَةَ رَمَضَانَ مَعَكُمْ وَكَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَسَمَّاهُ الشِّبْلِيُّ كَبْوَلَةَ، فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍّ كَبْوَلَةَ: خَرَجْتُ سَنَةً مِنْ خبر عَلَى طَرِيقِ الْمُنْتَهِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>