مِنْ أَغَمَاتَ بَلْدَةٍ فِي آخِرِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَنَحْنُ مُنْذُ سَنَةٍ وَنِصْفٍ فِي الطَّرِيقِ إِلَى هَذَا الْإِمَامِ وَسَمَاعِ الْحَدِيثِ مِنْهُ، وَالْآنَ وَافَقَ وُرُودُنَا وَفَاتَهُ، أَفَلَا يَسُوغُ لَنَا أَنْ نَتَهَالَكَ فِي الْجَزَعِ؟ .
قِيلَ: مَا كَانَ يَجْلِسُ لِإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ وَلَا يَمَسُّ جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ إِلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ.
وَقِيلَ: اسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ عَلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهُ كُلِّ الامْتِنَاعِ، فَبَقِيَ عَلَى خِلَافَتِهِ إِلَى أَنِ اسْتَخْلَفَ ابْنَهُ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عُتْبَةَ أَبَا أَحْمَدَ الْعَسَّالَ، لَمَّا تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ لَمْ يَكُنْ يُغْلِقُ بَابَ دَارِهِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَكَانَ يُوصِي أَهْلَ مَنْزِلِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ بِأَنْ لَا يَحْجِبُوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْخُصُومَاتِ، فَكَانَ إِذَا حَضَرَ خَصْمَانِ يَبْرُزُ إِلَيْهِمَا وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ إِذَا تَحَاكَمَ إِلَيْهِ خَصْمَانِ لَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَمْكَنَهُ، بَلْ يَغْرَمُ عَنْهُ الْمَالَ فَيَزِنُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ مِائَةَ ديِنَارٍ، وَكَانَ يُحَذِّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَالَ الْيَمِينِ، وَيُذَكِّرُهُ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ مَجَالِسَ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ حَلَّفَهُ كَارِهًا.
وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِنْتِ مَمْشَاذَ الْفَارِسِيِّ خُصُومَةٌ وَمُنَاظَرَةٌ فَشَكَتْهُ إِلَى أَبِيهَا، فَجَاءَ وَالِدُهَا إِلَى دَارِهِ بِمَحَلَّةِ خُورْجَانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ قَاضِيًا، فَلَمَّا بَلَغَا الْمَسْجِدَ الْمَعْرُوفَ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُورْذَانِيِّ بِمَحَلَّةِ سِمْيَكَانَ، اسْتَأْذَنَ صِهْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute