يُعْجِبُ النَّجَاشِيَّ إِذَا أُهْدِيَ لَهُ، فَفَعَلُوا وَبَعَثُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا حِينَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَلَمَّا قَدَّمَا إِلَى الْبَطَارِقَةِ الْهَدَايَا، وَوَضَعَا عِنْدَهُمْ حَاجَاتِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَقَدَّمَا الْهَدَايَا فَقَبِلَهَا، فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّ شَبَابًا مِنَّا خَرَجُوا بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَابْتَدَعُوا دِينًا لَيْسَ بِدِينِكَ وَلَا دِينِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِنَا، فَارَقُوا أَشْرَافَهُمْ، وَخِيَارَهُمْ، وَأَهْلَ الرَّأْيِ، فَانْقَطَعُوا بِأَمْرِهِمْ مِنْهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَيْكَ لِتَمْنَعَهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَهُمْ كَانُوا أَعْلَى بِهِمْ عَيْنًا، فَادْفَعْهُمْ إِلَيْنَا لِنَرُدَّهُمْ إِلَى آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، فَقَالَ بَطَارِقَتُهُ: صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَارْدُدْهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ، فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ، ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَفْعَلُ.
قَوْمٌ نَزَلُوا بِلَادِي وَلَجَأُوا إِلَى جِوَارِي فَمَا كُنْتُ أَدْفَعُهُمْ إِلَيْكُمْ حَتَّى أَسْمَعَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَأَنْظُرَ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مَا قَالَ هَذَانِ حَقًّا أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا، وَأَنَا أَعْرِفُ مَا أَصْنَعُ، وإِنْ كَانَ أَمْرُهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لَمْ أُخَلِّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَيْنَا فَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَا تُكَلِّمُونَ الرَّجُلَ؟ فَأَجْمَعُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِالَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، وَبِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَدَعَا أَسَاقِفَتَهُ وَبَطَارِقَتَهُ، فَأَمَرَهُمْ، فَنَشَرُوا الْمَصَاحِفَ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا دِينُكُمْ هَذَا الَّذِي فَارَقْتُمْ بِهِ قَوْمَكُمْ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِدِينِهِمْ، وَلَا دِينِنَا، وَلَا دِينِ الْيَهُودِ؟ فَكَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كُنَّا عَلَى دِينِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute