للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى صُهَيْبٍ حَائِطًا لَهُ بِالْعَالِيَةِ، فَلَمَّا رَآهُ صُهَيْبٌ قَالَ: يَا نَاسُ، يَا نَاسُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا لَهُ يَدْعُو النَّاسَ؟ قَالُوا: إِنَّمَا يَدْعُو غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهْ: يُحَنِّسُ، قَالَ: مَا فِيكَ شَيْءٌ أُعِيبَهُ يَا صُهَيْبُ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ، لَوْلَاهُنَّ مَا قَدَّمْتُ عَلَيْكَ أَحَدًا، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُخْبِرِي عَنْهُنَّ؟ قَالَ صُهَيْبٌ: مَا أَنْتَ سَائِلٌ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا صَدَقْتُكَ عَنْهُ، قَالَ: أَرَاكَ تَنْتَسِبُ عَرَبِيًّا وَلِسَانُكَ أَعْجَمِيٌّ، وَتُكْنَى بِاسْمِ نَبِيٍّ، بِأَبِي يَحْيَى، وَتَبْذُرَ مَالَكَ، قَالَ: أَمَّا تَبْذِيرِي مَالِي، فَمَا أُنْفِقُهُ إِلَّا فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا اكْتِنَائِي بِأَبِي يَحْيَى فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَنَانِي أَفَأَتْرُكُهَا لَكَ، وَأَمَّا انْتِمَائِي إِلَى الْعَرَبِ، فَإِنَّ الرُّومَ سَبَتْنِي صَغِيرًا فَأَخَذْتُ لِسَانَهُمْ فَإِنِّي لَأَذْكُرُ خِبَائِي وَأَنَا رَجُلٌ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ لَوِ انْفَلَقَتْ عَنِّي رَوْثَةٌ لَانْتَمَيْتُ إِلَيْهَا.

قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ: هَرَبَ صُهَيْبٌ مِنَ الرُّومِ وَمَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَنَزَلَ مَكَّةَ وَكَانَ الرُّومُ أَخَذُوا صُهَيْبًا مِنْ نِينَوَى، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ، لَحِقَهُ صُهَيْبٌ فَتَبِعَتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: لَا تَفْجَعْنَا بِأَهْلِكَ وَمَالِكَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ مَالَهُ، وَأَتَى الْمَدِينَةَ.

قَالَ أَهْلُ التَّارِيخِ: تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>