وَقَالَتْ: اذْهَبْ.
فَذَهَبَ، تَرْفَعُهُ أَرْضٌ وَتَخْفِضُهُ أُخْرَى حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَفَقِهَ فِي الدِّينِ، فَكَانَ يَأْوِي هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى ظِلِّ بَيْتٍ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ تَضَعُ لَهُمْ طَعَامَهُمْ وَتُهَيِّئُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ ذَاتَ يَوْمٍ: لَوْ تَزَوَّجْتَ فُلَانَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمَرْأَةَ، فَقَالَتْ: مَا لَكُمْ هجيرا إِلَّا ذِكْرِي، لَتُمْسِكُنَّ عَنْ ذِكْرِي أَوْ لَا يَأْوِيكُمْ ظِلُّ بَيْتِي، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَتَاهَا فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ خَطَبَكِ فَتَزَوَّجِيهِ؟ فَإِنَّهُ فِي حَسَبٍ مِنْ قَوْمِهِ وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَفَقِهَ فِي الدِّينِ، وَأَتَاهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّي، ثُمَّ يَمُرُّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ إِلَى رَحْلِهِ، فَصَلَّى ذَاتَ يَوْمٍ، فَمَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ تَذْكُرُ فُلَانَةَ؟» ، قَالَ: بَلَى، قَالَ: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا» ، فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَوَّجَنِيهَا، فَجَاءَتْ نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَهَبْنَ بِهَا، وَهَيَّئْنَهَا وَصَنَعْنَهَا، وَصَنَعْنَ لَهَا بُرْدَةً، وَصَنَعْنَ لَهَا وِسَادَةً مِنْ أُدْمٍ، وَقَدَحًا وَشَيْئًا مِنْ طَعَامٍ، فَزَفَّيْنَهَا عِشَاءً، فَقَامَ يُصَلِّي مَا عَرَضَ لَهَا وَلَا أَرَادَهَا حَتَّى أَذَّنَ بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، فَلَمَّا أَذَّنَ ذَهَبَتِ النِّسْوَةُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَقُلْنَ: وَاللَّهِ مَا لِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ حَاجَةٍ، مَا عَرَضَ لَهَا، وَلَا أَرَادَهَا، وَلَا قَرِبَهَا، وَصَلَّى عَبْدُ اللَّهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ يُصَلِّي نَحْوَ مَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute