الطَّاعُونَ، حَتَّى قَالَ لَهُمَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: وَيْحَكُمَا أَلَا تَسْتَحْيَانِ إِنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أَنْتَنَ فِي بَيْتِهِ لَا تُغَيِّبَانِهِ؟ فَقَالَا: إِنَّا نَخْشَى هَذِهِ الْقُرْحَةَ.
قَالَ: فَانْطَلِقَا فَأَنَا مَعَكُمَا، فَمَا غَسَّلُوهُ إِلَّا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ مَا يَمَسُّونَهُ، ثُمَّ احْتَمَلُوهُ، فَدَفَنُوهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ إِلَى جِدَارٍ، وَقَذَفُوا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ حَتَّى وَارَوْهُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَئِذٍ: «إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أُخْرِجُوا كَرْهًا فَمَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا» .
فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَقْتُلُ آبَاءَنَا، وَأَبْنَاءَنَا، وَإِخْوَانَنَا، وَعَشِيرَتَنَا، وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِينَاهُ لِأُلْحِمَنَّهُ السَّيْفَ، فَبَلَغَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " يَا أَبَا حَفْصٍ، أَمَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ أَبِي حُذَيْفَةَ يَقُولُ: أَضْرِبُ وَجْهَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ "، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي فَلأَضْرِبُ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ، قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَانِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي حَفْصٍ، قَالَ: فَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ، يَقُولُ: مَا أَنَا بِآمِنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ، وَأَنَا لَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلَّا أَنْ تُكَفِّرَهَا عَنِّي الشَّهَادَةُ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute