للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: وَلِيَ لِعُمَرَ عَلَى حِمْصَ سَنَةً، ثُمَّ أَشْخَصَهُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، فَجَدَّدَ عَهْدَهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ وَأَبَى أَنْ يَلِيَ لَهُ أَوْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ.

وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنْ لِي رَجُلًا مِثْلَ عُمَيْرٍ أَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ.

رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَامِلًا عَلَى حِمْصَ، فَمَكَثَ حَوْلًا لَا يَأْتِيهِ خَبَرُهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ إِلَى عُمَيْرٍ، فَوَاللَّهِ مَا أَرَاهُ إِلَّا خَانَنَا: إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ، وَأَقْبِلْ بِمَا جَبَيْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ تَنْظُرُ فِي كِتَابِي هَذَا، قَالَ: فَأَخَذَ عُمَيْرٌ جِرَابَهُ فَجَعَلَ فِيهِ رِدَاءَهُ وَقَصْعَةً، وَأَخَذَ عَنَزَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي مِنْ حِمْصَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَقَدِمَ وَقَدْ شَحُبَ لَوْنُهُ، وَاغْبَرَّ وَجْهُهُ، وَطَالَتْ شَعْرَتُهُ، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ عُمَيْرٌ: مَا تَرَى مِنْ شَأْنِي، أَلَسْتَ تَرَانِي صَحِيحَ الْبَدَنِ، ظَاهِرَ الدَّمِ، مَعِي الدُّنْيَا أَجُرُّهَا بِقَرْنِهَا؟ قَالَ: وَمَا مَعَكَ؟ فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَالٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>