وَأَنْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَجَزَاكُمَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرًا، قَالَا: وَأَنْتَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكَ خَيْرًا، قَالَ عُمَرُ: مَكَانَكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ فَآتِيكَ بِنَفَقَةٍ مِنْ عَطَائِي، وَفَضْلِ كِسْوَةٍ مِنْ ثِيَابِي، هَذَا الْمَكَانُ مِيعَادٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا مِيعَادَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَلَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ، مَا أَصْنَعُ بِالنَّفَقَةِ؟ ! مَا أَصْنَعُ بِالْكِسْوَةِ؟ ! أَمَا تَرَى عَلَيَّ إِزَارًا مِنْ صُوفٍ، وَرِدَاءً مِنْ صُوفٍ، مَتَى تَرَانِي أخْرِقُهُمَا؟ أمَا تَرَى أَنَّ نَعْلَيَّ مَخْصُوفَتَانِ , مَتَى تَرَانِي أُبْلِيهِمَا؟ أَمَا تَرَى أَنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ رِعَايَتِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ , مَتَى تَرَانِي آكُلُهَا؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَ يَدِيَّ وَيَدَيْكَ عَقَبَةً كَؤُودًا لَا يُجَاوِزُهَا إِلَّا كُلُّ ضَامِرٍ، مُخِفٌّ، مَهْزُولٌ، فَأَخِفَّ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ مِنْ كَلَامِهِ ضَرَبَ بِدِرَّتِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلَا لَيْتَ أُمَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْهُ، يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَاقِرًا لَمْ تُعَالِجْ حَمْلَهَا، أَلَا مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا وَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خُذْ أَنْتَ هَاهُنَا حَتَّى آخُذُ أَنَا هَاهُنَا، فَوَلَّى عُمَرُ نَاحِيَةَ مَكَّةَ , وَسَاقَ أُوَيْسٌ إِبِلَهُ فَوَافَى الْقَوْمَ بِهَا وَخَلَّى عَنِ الرِّعَايَةِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
رُوِيَتْ قِصَّةُ أُوَيْسٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَهَذَا الْوَجْهُ مِنْ أَتَمِّهِ وَأَغْرَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute