وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مَاعِزٍ: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَعَنَا الرَّبِيعُ فَمَررْنَا عَلَى حَدَّادٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَى حَدِيدَةٍ فِي النَّارِ، فَنَظَرَ الرَّبِيعُ إِلَيْهَا فَتَمَايَلَ لِيَسْقُطَ، فَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى أَتُونِ بَعْضِ الْحَدَّادِينَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ اللَّهِ تَلَهَّبُ النَّارُ فِي وَجْهِهِ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: ١٢] .
فَصُعِقَ الرَّبِيعُ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَحَمَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى دَارِهِ وَرَابَطَهُ إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ فَلَمْ يُفِقْ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الظُّهْرَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: يَا رَبِيعُ، يَا رَبِيعُ، فَلَمْ يُجِبْ، وَرَابَطَهُ إِلَى الْعَصْرِ فَلَمْ يُفِقْ، ثُمَّ انْطَلَقَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ، فَرَجَعَ وَقَالَ: يَا رَبِيعُ يَا رَبِيعُ فَلَمْ يُفِقْ فَرَابَطَهُ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ فَلَمْ يُفِقْ، ثُمَّ صَلَّى بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَبِيعُ يَا رَبِيعُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى ضَرَبَهُ بَرْدُ السَّحَرِ.
وَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ: مَا نَرَاكَ تَعِيبُ أَحَدًا وَلَا تَذُمُّهُ، قَالَ: مَا أَنَا عَنْ نَفْسِي بِرَاضٍ فَأَتَفَرَّغَ مِنْ ذَنْبِي إِلَى حَدِيثِ النَّاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute