للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عَوْنٌ: كَانَ أَخَوَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا أَخْوَفُ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ أَنِّي مَرَرْتُ بَيْنَ قَرَاحَيْ سُنْبُلٍ فَأَخَذْتُ مِنْ أَحَدِهِمَا سُنْبُلَةً، ثُمَّ نَدِمْتُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهَا فِي الْقَرَاحِ الَّذِي أَخَذْتُهَا مِنْهُ، فَلَمْ أَدْرِ أَيَّ الْقَرَاحَيْنِ هُوَ، فَطَرَحْتُهَا فِي أَحَدِهِمَا، فَأَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ طَرَحْتُهَا فِي الْقَرَاحِ الَّذِي لَمْ آخُذْهَا مِنْهُ، فَمَا أَخْوَفَ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ أَنْتَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّ أَخْوَفَ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ عِنْدِي، إِذَا قُمْتُ فِي الْصَلَاةِ أَخَافُ أَنْ أَكُونَ أَحْمِلَ عَلَى إِحْدَى رِجْلَيَّ فَوْقَ مَا أَحْمِلُ عَلَى الْأُخْرَى، وَأَبُوهُمَا يَسْمَعُ كَلَامَهُمَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا صَادِقَيْنِ فَاقْبِضْهُمَا إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَتَنَا فَمَاتَا، قَالَ: فَمَا نَدْرِي أَيَّ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ.

قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ الْأَبُ أَرَى أَفْضَلَ.

وَقَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: رَأَيْنَا صَدَأَ الْقُلُوبِ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ.

وَرَأَيْنَا جَلَاءَهَا إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ قَبْلِ التَّوْبَةِ، حَتَّى تَدَعَ الْقُلُوبَ كَالسَّيْفِ النَّقِيِّ الْمُرْهَفِ.

وَقَالَ عَوْنٌ: إِنَّ اللَّهَ لَيُكْرِهُ عَبْدًا عَلَى الْبَلَاءِ، كَمَا يُكْرِهُ أَهْلُ الْمَرِيضِ الْمَرِيضَ عَلَى الدَّوَاءِ، وَيَقُولُونَ: اشْرَبْ هَذَا فَإِنَّ لَكَ فِي عَاقِبَتِهِ خَيْرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>